شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل
شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل
ژانرها
[المسألة الثالثة]:
أنّ الموت متعلِّق - يعني إماتة الرب ﷿ - متعلقة بكل شيء، كما قال سبحانه ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص:٨٨]، فكل شيء كُتب عليه الموت، فلا بد أن يموت، (كُلُّ شَيْءٍ) يعني مما حَلَّتْهُ الحياة بالروح فلا بد أن يفنى.
وهناك ما اسْتُثْنِيَ مما يموت وذلك في قوله ﷿ ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر:٦٨] .
والاستثناء هنا في قوله ﴿إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ اختلف فيه أهل العلم على عدة أقوال ترجعون إليها في التفسير:
منها أن يكون المستثنى أرواح الشهداء؛ لأنَّ الشهداء أحياء بنص الآية ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [آل عمران:١٦٩-١٧٠] الآيات في آل عمران.
وهذا هو أظهر الأقوال؛ أنَّ المُسْتَثْنَى أرواح الشهداء، فيكون عموم قوله ﷿ ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ على ظاهره في أنه سَيَهْلِكُ كل شيء إلا الرب ﷿.
وهذا قد جاء في تفسير قوله تعالى ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (١٤) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ﴾ إلى قوله ﴿لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر:١٤-١٦]؛ لأنّ الرب ﷿ إذا أمات الملائكة المقربين نادى (لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ)؟ ثم أجاب نفسه العَلِيَّةْ بقوله ﷻ (الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)، (لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)، ثم قال ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [غافر:١٧] .
وهذا يدلّ على أنَّ المخلوقات جميعًا ضعيفة محتاجة إلى ربها.
فكل من استحضر صفة الموت الذي سيحل به وسيحل أيضا بغيره من المخلوقات، فإنه يظهر له عِظَمْ الرب ﷿ الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا، وأنه ﷾ هو المحيي المميت، وأنه هو ﷿ هو الواحد الأحد الغني الكامل في صفاته ونعوت جلاله وعظمته.
وأمّا قول الطحاوي (بَاعِثٌ بِلا مَشَقَّةٍ) فهذا فيه صفة البعث لله ﷿ وفي موضعه سيأتي إن شاء الله تعالى ذكر مسائل البعث والنشور بتفصيلاتها.
1 / 58