شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل
شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل
ژانرها
وَلَا شَيْءَ مِثْلُهُ، وَلَا شَيْءَ يُعْجِزُهُ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ
_________
هذه الجمل الثلاث وهي قوله (وَلا شيءَ مِثْلُهُ، وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ، وَلا إلهَ غَيْرُهُ) تفصيلٌ لما يعتقده في توحيد الله ﷿.
والتوحيد -كما ذكرنا- منقَسِمٌ إلى الأقسام الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الإلهية.
فذَكَرَ هذه الأقسام الثلاث في قوله (وَلا شيءَ مثْلُهُ، وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ، وَلا إلهَ غَيْرُهُ) .
فقوله (وَلا شيءَ مثْلُهُ) راجِعٌ إلى توحيد الأسماء والصفات والأفعال.
وقوله (وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ) راجع أو مُثْبِتٌ لتوحيد الربوبية.
وقوله (وَلا إلهَ غَيْرُهُ) مثبتٌ لتوحيد العبادة والألوهية.
وقدَّمَ ﵀ ما يدل على توحيد الأسماء والصفات بعد ذِكْرِ توحيد الإلهية في قوله (إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ)؛ لأنَّ النزاع كائنٌ في توحيد الإلهية وفي توحيد الأسماء والصفات.
فَمَعَ أهل الشرك النزاع في توحيد الإلهية، وهو الذي كان النزاع فيه ما بين الرسل وبين أقوامهم.
ولهذا قَدَّمَ ما يعتقده بقوله (إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ) لأنَّ هذا هو حقيقة النزاع بين الرسل وبين أقوامهم.
ثم قال (وَلا شيءَ مثْلُهُ) لأن هذا هو حقيقة النزاع ما بين أهل السنة والجماعة وما بين مخالفيهم من المبتدعة على أصنافهم من المجسمة والمعطلة والنفاة وأشباه هؤلاء.
وأيضا قَرَنَ بينهما لأنَّ البدع بريد الشرك، فإنَّ تَرْكَ تنزيه الله ﷿ عن مماثلة المخلوقين تؤدي إلى الشرك به ﷿، ولهذا قال من قال من السلف (المعطِّل يعبد عدما والممثل يعبد صنما) (١) .
فالتمثيل ثَمَّ اقترانٌ بينه وبين الشرك؛ لأنَّ الممثل اتَخَذَ صورَةً جَعَلَهَا على صفات معينة فصارت صنمًا له، كما أنَّ المشركين عبدوا الأصنام واتخذوها آلهة.
وأما قوله (وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ) فهو توحيد الربوبية كما سيأتي ذلك مفصلا.
إذًا فترتيب المصنف الطحاوي ﵀ لهذه الجمل الأربع ترتيبٌ مناسب، وهو مَتَنَقِلٌ بِفَهْمٍ في أمور الاعتقاد وموقف أهل السنة وأهل الإسلام من مخالفيهم.
والجملة الأولى في هذا اليوم هي قوله (وَلا شيءَ مثْلُهُ) والكلام عليها يكون في مسائل:
_________
(١) مجموع الفتاوى (٥/١٩٦) / الصواعق المرسلة (١/١٤٨)
1 / 13