Explanation of Al-‘Aqidah Al-Tahawiyyah - Khalid Al-Muslih
شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح
ژانرها
قضاء الله ﷿ وقدره في خلقه
بسم الله الرحمن الرحيم قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله.
وهو متعالٍ عن الأضداد والأنداد.
لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا غالب لأمره.
آمنا بذلك كله، وأيقنا أن كلًا من عنده.
وأن محمدًا عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله المرتضى، وأنه خاتم الأنبياء، وإمام الأتقياء، وسيد المرسلين، وحبيب رب العالمين، وكل دعوى النبوة بعده فغي وهوى، وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى بالحق والهدى، وبالنور والضياء] الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فصلة ما تقدم من كلام المؤلف ﵀ في مسائل القدر قال ﵀: (وكلهم) أي: كل عباده وخلقه (يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله)، فالله جل وعلا لا يظلم الناس شيئًا، بل الخلق لا يخرجون عن فضل الله جل وعلا، فإن قصروا عن الفضل فلا يخرجون عن العدل، قال الله جل وعلا: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا﴾ [يونس:٤٤] فالله ﷾ لا يظلم الناس شيئًا، فمن هداه فبفضله، ومن وقع في الضلال فإنما يضل على نفسه، كما قال الله جل وعلا: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف:٥] والله جل وعلا أعلم بالمهتدين، وهو ﷾ يعلم محال الفضل ومحال المن ومواضعه.
فلذلك لا يعترض على الله جل وعلا في هداية فلان وفي إضلال فلان، فهذا مما ينبغي أن يقر في قلب المؤمن، فإن الله جل وعلا حكم عدل، ليس في حكمه الكوني ولا في حكمه الشرعي نقص ولا ظلم، بل الظلم منتفٍ عن الرب، وهو مما حرمه الله جل وعلا على نفسه فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا﴾ [يونس:٤٤]، وقال النبي ﷺ في الحديث الإلهي: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا) فنفي الظلم عن الله يدل على أنه ﷾ العدل الذي لا ظلم في شيء من أحكامه، وقد اعترض على ذلك بعض من بُلي في مسائل القدر، فلقي أحد العلماء فقال له: أرأيت إن منعني الهدى ثم أمرني به أيكون قد ظلمني؟ فقال له العالم الرباني العالم بربه جل وعلا: إن كان قد منعك شيئًا هو لك فقد ظلمك، والله جل وعلا لا يظلم الناس شيئًا، بل الله جل وعلا لا ينفك عباده مسلمهم وكافرهم من خيره وفضله.
فلا أحد أصبر على أذىً من الله ﷾، فإنهم يشتمونه ويسبونه وينسبون إليه الولد وهو جل وعلا يعافيهم ويرزقهم ويمدهم ﷾ بما تقوم به حياتهم ويصلح به معاشهم، فكل العباد المسلم والكافر يتقلبون في مشيئته، يعني: فيما يقدره ويقضيه بفضله وعدله، ﷾.
ثم قال المؤلف ﵀: (وهو متعالٍ عن الأضداد والأنداد) .
الأضداد: جمع ضد، والضد: هو المناوئ المعارض المقابل، والله جل وعلا لا ضد له، فإنه لا يقوم شيء لإرادته ولا يقوم شيء أمامه ﷾، بل هو القوي العزيز الذي لا راد لقضائه جل وعلا.
وقول المؤلف ﵀: (متعالٍ عن الأضداد) يرد بذلك على المعتزلة الذين يقولون: إن العبد يخلق فعل نفسه، وإن العبد يشاء ما لا يشاؤه الله، وإن العبد يخرج بأفعاله عن أقدار الرب جل وعلا، فهذا فيه الرد على هؤلاء.
وهذه الكلمة: (متعالٍ عن الأضداد) يستعملها أهل العلم ﵏ في كلامهم، فقد ذكرها ابن القيم ﵀ في افتتاح كتاب (إغاثة اللهفان) ومعناها كما ذكرنا: أنه لا أحد يقوم في مضادة الرب جل وعلا، فهو ﷾ لا يقوم له شيء.
وأما قوله: (والأنداد) فالأنداد: جمع ند، والند هو: المثيل والمكافئ والنظير، ويطلق أيضًا على المناوئ، لكن المراد به هنا: المثيل والنظير، فنزه المؤلف ﵀ الرب جل وعلا عمن يعارضه ويضاده ويخالف أمره، ونزهه ﷾ عن أن يكون له ند ونظير ومثيل، كما قال الله ﷾: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا﴾ [البقرة:٢٢]، وكما قال ﷾: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:١١]، فهذا أمر واضح وقد تقدم تقريره.
5 / 2