190

Explanation of Al-‘Aqidah Al-Tahawiyyah - Khalid Al-Muslih

شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح

ژانرها

سؤال منكر ونكير في القبر
ثم قال ﵀: [وسؤال منكر ونكير في قبره عن ربه ودينه ونبيه]، نؤمن بسؤال منكر ونكير، وهذه هي الفتنة التي تكون لأهل القبور، وهي فتنة عظيمة ليست بالسهولة كسهولة قراءتها ومطالعتها وسماعها، إنما هي فتنة عظيمة؛ ولذلك كان من السؤال المتردد: (اللهم إني أعوذ بك من فتنة القبر)، ففتنة القبر ما يكون من سؤال منكر ونكير، والدلالة على هذا السؤال جاء في السنة مستفيضًا متواترًا، فلا سبيل لإنكاره، ومن ينكر عذاب القبر ينكر السؤال، وسؤال منكر ونكير بين المؤلف ﵀ أنه يكون عن ربه ودينه ونبيه، فالسؤال والفتنة مدارها على هذه الأشياء الثلاثة: يسأل عن ربه وعن دينه وعن نبيه.
وقد اختلف العلماء ﵏ في هذه الفتنة هل هي لكل الأمم أو لهذه الأمة؟ والظاهر أنها لكل الأمم، فكل أمة تسأل عن نبيها.
واختلفوا في الأنبياء، هل تنالهم هذه الفتنة أم لا؟ والصحيح أنهم لا يسألون؛ لأنهم هم المسئول عنهم.
واختلفوا فيمن لم يكلف كالصغار والمجانين، هل يسألون أو لا؟ على قولين لأهل العلم، والمراد أنه وقع الخلاف في بعض الناس، ولكن ثبوتها للمكلفين من غير الأنبياء والشهداء أمر متفق عليه.
ومما اختلف فيه أهل العلم تسمية الملكين، فالمؤلف ﵀ ذكر اسمين لملكين كريمين (منكر ونكير)، وقد اختلف العلماء في ثبوت هذه التسمية مع اتفاقهم على الفتنة، وأن الذي يتولاها ملكان، والأمر في هذا سهل، فمن العلماء من قال: إنه لم يثبت حديث يستند إليه في تسمية الملكين، فنؤمن بأنهما ملكان تجري على أيديهما الفتنة دون تعيين لاسميهما، والصحيح أن هذين الاسمين ثابتان كما في الترمذي وفي صحيح ابن حبان بسندٍ لا بأس به، فهذه التسمية ثابتة لهذين الملكين منكر ونكير، ولا غرابة في هذين الاسمين، فهذان الاسمان لا يتضمنان قدحًا في الملكين، وسميا منكرًا ونكيرًا باعتبار ما يفزع الإنسان في قبره، فلهما من المنظر، ولهما من المخبر في السؤال؛ ما ينكره الإنسان، ويزعج قلبه، ويفزعه؛ فلذلك سميا بهذين الاسمين، وليس قدحًا لهما، ولا يتضمن هذا الاسم ذمًا لهذين الملكين الكريمين.
وقوله ﵀: (وسؤال منكر ونكير في قبره)، كقوله في عذاب القبر، ولا يختص هذا بعذاب القبر، ولكن لما كان غالب ما يجري من العذاب وسؤال منكر ونكير في القبور التي هي مدافن الموتى؛ أضيف العذاب والسؤال إليها، لكن من لم يدفن أو من احترق أو أكلته السباع أو غرق في البحار هل يجري له ما ذكر؟
الجواب
نعم، يجري له ما ذكر من العذاب إن كان مستحقًا للعذاب، ومن النعيم إن كان مستحقًا للنعيم، ويجري له ما ذكر من سؤال منكر ونكير.

18 / 4