338

Encyclopedia of Arab Speeches in the Glorious Ages

جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة

ناشر

المكتبة العلمية بيروت

محل انتشار

لبنان

ژانرها

وبنى سقاية١، وبايع له نبي الله بيده اليمنى على اليسرى٢، واختصه بكريمتيه أم كلثوم ورقية٣، فإن كان قد أذنب ذنبًا، فقد أذنب من هو خير منه، وقد قال الله سبحانه لنبيه: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ وقتل موسى نفسًا٤، ثم استغفر الله

= ﵊: "اللهم ارض عن عثمان، فإني راض عنه" وكان ذلك في زمن عسرة الناس وجدب البلاد، وشدة الحر، قال تعالى: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ أي وقتها، وهي حالهم في تلك الغزوة، ذكروا أن الرجلين كانا يقتسمان تمرة، وأن العشرة كانوا يعتقبون البعير الواحد.
١ وذلك أنه اشترى بئر رومة "بضم الراء: بئر بالمدينة" ثم تصدق بها على المسلمين، فكان رشاؤه فيها كرشاء أحدهم، وقد قال ﵊: "من حفر بئر رومة فله الجنة" وأشرف عثمان ﵁ على الثوار حين حصروه ومنعوا الماء عنه، فقال: أنشدكم الله، هل علمتم أني اشتريت رومة من مالي يستعذب بها، فجعلت رشائي منها كرشاء رجل من المسلمين؟ قيل: نعم، قال: فما يمنعني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر؟ ثم قال: أنشدكم الله هل علمتم أني اشتريت كذا وكذا من الأرض فزدته في المسجد؟ قيل: نعم، قال: فهل علمتم أحدًا من الناس منع أن يصلي فيه قبلي؟ ثم قال: أنشدكم الله، هل سمعتم نبي الله ﷺ يذكر كذا وكذا -أشياء في شأنه، فجعل الناس يقولون: مهلًا عن أمير المؤمنين.
٢ وذلك أن رسول الله ﷺ لما قصد إلى مكة في غزوة الحديبية "سنة ست للهجرة" بعث عثمان بن عفان إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه إنما جاء زائرًا للبيت ومعظمًا لحرمته، فخرج عثمان إلى مكة وبلغ الرسالة، واحتبسته قريش عندها، فشاع عند المسلمين أن عثمان قد قتل، فقال ﵊: "لا نبرح حتى نناجز القوم"، ودعا المسلمين إلى البيعة على الموت، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، وبايع ﵊ لعثمان، فضرب بيده اليمنى على يده اليسرى وقال: "هذه يد عثمان".
٣ تزوج عثمان السيدة رقية بنت رسول الله ﷺ، فلما ماتت جزع عثمان عليها، وقال: يا رسول الله انقطع صهري منك، قال: "إن صهرك مني لا ينقطع، وقد أمرني جبريل أن أزوجك أختها بأمر الله: السيدة أم كلثوم".
٤ وذلك أنه في إبان نشأته بمصر دخل مدينة منف ذات مرة، فوجد فيها رجلين يقتتلان قبطيًّا يسخر إسرائيليًّا ليحمل حطبًا إلى مطبخ فرعون، فاستغاثه الإسرائيلي، فقال موسى للقطبي: خل سبيله، فقال له: لقد هممت أن أحمله عليك، فوكزه موسى "أي ضربه بجمع كفه" وكان شديد القوة والبطش، فقتله، ولم يكن يقصد قتله "وذكروا أنه كان إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة" وقد اغتم لذلك خوفًا من عقاب الله. =

1 / 341