دروب ما بعد الحداثة

بدر الدين مصطفی d. 1450 AH
89

دروب ما بعد الحداثة

دروب ما بعد الحداثة

ژانرها

أخيرا تبدو السينما هي المثال الأبرز لفن السيمولاكرا؛ فالسينما هي فن الوهم بامتياز، سواء كان هذا بسبب طبيعتها أم لأنها تخلق عالما ليس له أصل أو مرجع، فهي مرجع ذاتها. إن الصورة السينمائية لا تعيد إنتاج عالم، وإنما تبني عالما مستقلا بذاته، مصنوعا من انقطاعات وتفاوتات، مجردا من مراكزه كافة. وقد طرح المنظر السينمائي بيير بورديل

هذا السؤال: هل السينما فن الخداع والسيمولاكر؟ وأجاب قائلا: «مما لا شك فيه أن السينما هي نموذج لفن السيمولاكر؛ لأنها تقدم لنا عالما مستقلا من الصور يجسد مظهر الأشياء ومعناها في الوقت ذاته.»

51

والواقع أن السينما منذ ظهورها وهي تثير مثل هذه الأسئلة التي تتعلق بطبيعتها وعلاقتها بالواقع؛ ذلك لأنها أكثر الفنون التصاقا بالواقع وابتعادا عنه في الوقت نفسه أو كما يقول ميتز

Metz : «هنا سر آخر من أسرار السينما؛ حيث تدمج واقعية الحركة في لا واقعية الصورة، من ثم يتحقق المتخيل أو الخيال إلى درجة لم يتم التوصل إليها من قبل.»

52

وقد ربط العديد من منظري السينما بين ما تخلقه السينما من إيهام بالواقع، وبين طبيعة المشاهدة السينمائية التي تتفاعل مع هذا الإيهام لدرجة تجعل منه واقعا موازيا أو بديلا للواقع الحقيقي، وقد قال أندريه بريتون: «إنه في السينما يتم الاحتفاء بالطقوس السرية العصرية.»

53

وهو بذلك يعبر بشكل جيد عن التقاء النقيضين: التكنولوجيا والميتافيزيقا في شيء واحد يسمى السينما. •••

سنحاول عبر الصفحات التالية تتبع السمات ما بعد الحداثية في الفنون المختلفة:

صفحه نامشخص