ثالث هذه النتائج، خلو العالم من أي معنى وافتقاده لأي قيمة، وما يترتب على ذلك من تغير مفهوم القيمة ونسبية المعايير الأخلاقية. (د) تصور مختلف لأسلوب الكتابة
سمة مشتركة في النص ما بعد الحداثي، أنه نص ملتبس يشعر معه القارئ بالصعوبة والغموض وعدم التحديد. نص لعوب، يصعب الإمساك به، أو تحديد معناه لدرجة يشعر معها القارئ أن المؤلف يتعمد اللبس في حد ذاته. وهذا اللاتحديد للمعنى يستند - في ظني - إلى الفهم البارتي (نسبة لبارت) لطبيعة النص. فالنص كما يتصوره بارت لا بد أن يولد أكبر عدد من الدلالات والمعاني، وهذا لن يتحقق إذا تعمد النص الوضوح والشفافية؛ لا بد أن يكون النص ملتبسا عصيا على القراءة. من هنا يحدثنا بارت بحفاوة عما أسماه «عدم القابلية للقراءة»
illisibilité
فكلما زادت صعوبة النص وقدرته على الإيحاء، تعددت معانيه وكثرت دلالته، يقول بارت: «ليس الوضوح صفة مطلقة لا غنى عنها في الكتابة، بل هي من ملحقات الطبقية؛ أي طريقة في الكتابة بمثابة علامة على أنك عضو في طبقة معينة تتحدث إلى الأعضاء الآخرين من نفس الطبقة.»
57
والواقع أن هذه السمة - الالتباس - حاضرة بقوة في كافة النصوص ما بعد الحداثية، ولا أدل على ذلك من قول ليوتار: «لقد قرأت في مجلة فرنسية أن البعض ساخطون على كل من دولوز وجاتاري لأنهم - أي هذا البعض - يتوقعون أن يكافئوا بقدر من المعنى، خاصة من قراءة عمل فلسفي.»
58
فقد كان لدولوز تصور خاص لعملية الكتابة،
59
كما أن تجربة الكتابة المشتركة مع المحلل النفسي فليكس جاتاري
صفحه نامشخص