(وَإِنِّي لأرجو ملحها فِي بطونكم ... وَمَا بسطت من جلد أَشْعَث أغبرا)
والقطعة مجرورة، وأولها:
(أَلا حنت المرقال واشتاق رَبهَا ... تذكر أرماما وَاذْكُر معشري)
يُرِيد أَنِّي لأرجو أَن تؤاخذوا بغدركم فِي مُقَابل مَا شربتم من لَبنهَا الَّذِي أسمنكم وَحسن بدنكم.
وَأما قَوْلهم: ملحه على رُكْبَتَيْهِ، فَقيل: المُرَاد بِهِ أَنه مِمَّن يضيع حق الرَّضَاع كَمَا يضيع الْملح من يَضَعهُ على ركبته.
وَقيل: الْمَعْنى بِهِ السَّيئ الْخلق الَّذِي تطيشه أقل كلمة، كَمَا أَن الْملح الْمَوْضُوع فَوق الرّكْبَة بتبدد بِأَدْنَى حَرَكَة وَأما قَول مِسْكين الدَّارمِيّ:
(لَا تلمها إِنَّهَا من نسْوَة ... ملحها مَوْضُوعَة فَوق الركب)
فَقيل: عَنى بِهِ أَنَّهَا من قوم هم فِي الْغدر وَسُوء الْعَهْد كمن ملحه فَوق ركبته.
وَقيل أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنَّهَا سَوْدَاء زنجية كَقَوْلِهِم: ملح الزنْجِي على ركبته، وَالْملح مُؤَنّثَة فِي أَكثر الْكَلَام فَلهَذَا قَالَ: ملحها مَوْضُوعَة وَقد نطق فِي بعض اللُّغَات بتذكيره.
[٦٧] وَيَقُولُونَ: هُوَ ذَا يفعل وَهُوَ ذَا يصنع وَهُوَ خطأ فَاحش ولحن شنيع، وَالصَّوَاب فِيهِ أَن يُقَال فِيهِ: هَا هُوَ ذَا يفعل وَكَأن أصل القَوْل: هُوَ هَذَا يفعل، فتفرع حرف التَّنْبِيه الَّذِي هُوَ هَا من اسْم الْإِشَارَة الَّذِي هُوَ ذَا، وَصدر فِي الْكَلَام وأقحم بَينهمَا الضَّمِير وَيُسمى هَذَا التَّقْرِيب، إِلَّا أَنه إِذا قيل: هَا هُوَ ذَا، كتب حرف التَّنْبِيه