الكريم، المقرّ بالفضل لأهله، يقول، مثلا، في ترجمة شيخه أبي اليمن الكندي: «شيخنا أبو اليمن العلاّمة الإمام في معرفة علوم العربيّة: نحوا ولغة، الحافظ، الجامع لأسباب الفضائل، محطّ الرّكبان، وحسنة الزمان، ولد ببغداد في شعبان من سنة عشرين وخمس مائة، وكان أبوه تاجرا موسرا، تلقّى القرآن المجيد، وقرأه بالعشر وهو ابن عشر، فاشتغل بعلم الأدب، وعني بسماع الحديث بمساعدة شيخه أبي محمد عبد الله بن عليّ بن أحمد المقرئ، فأسمعه جميع ما عنده، وأحضر له المشايخ، واستجاز له من مشايخ الأقطار، وربّاه تربية الأب البارّ، وكان يدعو له بالتوفيق والزّيادة، وحسن القبول والسعادة، وطول العمر والإفادة، وكلّ ذلك استجيب، وبلغ عدد من قرأ عليه من الشيوخ الذين سمع منهم وأجازوا له، سبع مائة ونيّفا وستين شيخا» (١).
ويستطرد ابن أنجب، أحيانا، في بعض تراجمه، فيذكر بعض الأحداث التاريخية البارزة التي وقعت في سنوات معيّنة، يقول، مثلا، في ترجمة محمد بن طلحة بن محمد أبي سالم النّصيبيّ العدويّ القرشيّ، حين ذكر عرضا سنة ٦٥٦ هـ: «وهي السنة التي أخذت فيها بغداد، وانقرضت الدولة العباسية، واستولت الدولة الجنكزخانية،. . . وكثر فيها القتل والسّفك والاستئصال» (٢). ومن ذلك أيضا: قوله في وصف بعض أحداث سنة ثمان وستين وخمس مائة: «وهي السنة التي غرقت فيها بغداد في خلافة المستضيء» (٣). وذكر تاريخ افتتاح المدرسة المستنصرية في رجب سنة إحدى وثلاثين وست مائة في موضعين من كتابه، وذكر مجموعة من شيوخها. كما ذكر افتتاح المدرسة التي بنتها أمّ الإمام الناصر لدين الله ببغداد في غرّة المحرّم سنة ٥٩٠ هـ (٤). هذا بالإضافة إلى تعداد مجموعة
_________
(١) الدر الثمين:٢٩٢.
(٢) المصدر نفسه:٧٨.
(٣) المصدر نفسه:٢٩٩.
(٤) الدر الثمين:١١٣.
1 / 54