أخرى يكتفي بترجمة قصيرة لآخرين في سطر أو سطرين، يذكر فيها الاسم والنسب وتاريخ الوفاة وبعض المؤلّفات. لذلك، تفاوتت تراجم هذا الكتاب من حيث الأهمية، والطول والقصر.
ويرجع هذا إلى أنّ غاية ابن الساعي الأولى ليست تراجم الأعلام بقدر ما هي سرد للمؤلّفات، لإبراز غنى وضخامة التّراث العربيّ: من بداية عصر التأليف حتّى عصره الذي هو القرن السابع للهجرة. وقد أكّد هذا بقوله في ترجمة أبي عليّ ابن سينا: «وليس هذا الكتاب بصدد أخبار المصنّفين، بل المقصود التعريض لذكر نبذة من أخبارهم وذكر تصانيفهم» (١).
لهذا، يمكن اعتبار الدّرّ الثمين كشّافا (٢) لما كانت تزخر به الخزانة العربيّة الإسلامية من درر ونفائس ونوادر، أكثر منه كتاب تراجم، على الرّغم من تناوله لموضوع التراجم وما يحتوي عليه من إضافات مهمّة يكاد ينفرد بها. ولو وصل إلينا الكتاب كاملا لوقفنا على مزيد من المترجمين، ومن المؤلّفات التي فات ذكرها الكثير من معاصريه والذين جاءوا بعده.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ معظم مترجمي ابن أنجب؛ الشافعيّ المذهب؛ كانوا شافعيّة، وربّما كان هذا من الأسباب التي دعته إلى أن يستهلّ كتابه بترجمة الإمام الشافعيّ، ومع ذلك فإنه لم يغفل ترجمة أصحاب المذاهب الأخرى، كالحنفيّة والمالكية والحنبلية. غير أنّهم قلّة بالنسبة للشافعيّة حسب ما وقفنا عليه من تراجم هذا الكتاب.
وعلى الرّغم من أنّ أغلب الأعلام المترجمين في الدّرّ الثمين ترجموا في مصادر أخرى، كالفهرست لابن إسحاق النّديم، ومعجم الأدباء
_________
(١) المصدر نفسه:٢٧٤.
(٢) قال شاكر مصطفى: لو وصلنا كتاب الدر الثمين لكان ثروة للباحثين والعلماء فهو ثاني كتاب جامع يصدر في هذا الموضوع بعد كتاب الفهرس للنديم، وقد كان يغني عن الكثير من البحث: التاريخ العربي. والمؤرخون:٤/ ٣٠٧.
1 / 52