أبي طالب للنبي 9 أنه عزم على الخروج في ركب من قريش إلى الشام تاجرا سنة ثمان من مولده (عليه السلام)، وفي رواية أنه كان عمره اثني عشرة سنة وشهرين وعشرة أيام أخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بزمام ناقة أبي طالب وقال له: يا عم على من تخلفني ولا أب لي ولا أم لي؟ وكان قد قيل له: ما تفعل به في هذا الحر وهو غلام صغير؟
فقال: والله لأخرجن به ولا أفارقه أبدا (1).
وفي رواية الطبري: ضب به رسول الله، أي لزمه، فرق له أبو طالب فأمر فحشيت له حشية وكانوا ركبانا كثيرا، فكان يقول: والله البعير الذي كان عليه محمد أمامي لا يفارقني ويسبق الركب كلهم، وكانت سحابة بيضاء مثل الثلج تظله، وربما مطرت علينا أنواع الفواكه، وكان يكثر الماء ويخضر الأرض، وكان وقفت جمال قوم فمشى إليها ومسح عليها فسارت، فلما قربنا من بصرى إذا نحن بصومعة تمشي كما تمشي الدابة السريعة حتى إذا قربت منا وقفت، فإذا فيها راهب، فلما نظر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إن كان أحد فأنت أنت.
قال: فنزلنا تحت شجرة عظيمة قليلة الأغصان ليس لها حمل، فاهتزت الشجرة وألقت أغصانها عليه وحملت ثلاثة أنواع: فاكهتان للصيف وفاكهة للشتاء، فجاء بحيرا بطعام يكفي النبي (عليه السلام) وقال: من يتولى أمر هذا الغلام؟ فقلت: أنا.
فقال: أي شئ تكون منه؟
قلت: أنا عمه.
فقال: له أعمام كثيرة فأيهم أنت؟
قلت: أنا أخو أبيه من أم واحدة.
قال: أشهد أنه هو وإلا فلست بحيرا، فأذن في تقريب الطعام.
فقلت: رجل أحب أن يكرمك فكل.
فقال: هل هو لي دون أصحابي؟
قال: فهو لك خاصة.
صفحه ۸۲