دُر نظیم
الدر النظيم
ابن أبي طالب وقت نزول الوحي على النبي (عليه السلام) فيما بين اثنتي عشر سنة وبين ثلاث عشر سنة، وبلوغ الإنسان في هذا السن ممكن، فعلمنا أن كون علي بالغا وقت نزول الوحي على النبي (عليه السلام) أمر ممكن، وإذا ثبت الإمكان وجب الحكم بوقوعه لما روي أن النبي (عليه السلام) قال لفاطمة: «زوجتك أقدمهم سلما، وأكثرهم علما» (1) ولو قلنا انه ما كان بالغا حال ما أسلم لم يصح هذا الكلام.
الوجه الثاني في الجواب عن هذا السؤال: هب أن عليا ما كان بالغا في ذلك الوقت لكن لا امتناع في وجود صبي كامل العقل قبل سن البلوغ، ولهذا المعنى حكم أبو حنيفة بصحة إسلام الصبي. وعلى هذا التقرير فصدور الإسلام عن علي وقت الصبا يدل على فضله من وجهين:
أحدهما: أن الغالب على طبع الصبيان الميل الى الأبوين، وأن عليا خالف الأبوين وأسلم، فكان هذا من فضائله.
وثانيها: أن الغالب على الصبيان الميل الى اللعب، فأما النظر والتفكر في دلائل التوحيد وإعراضه عن اللعب في زمان الصبا من أعظم الدلائل على فضله، فإنه كان في زمان صباه مساويا للعقلاء الكاملين.
قوله: «حصل للإسلام بسبب إسلام أبي بكر نوع من القوة ولم يحصل بسبب إسلام علي البتة شيء من القوة».
قلنا: هذا الفرق إنما يظهر لو ثبت أن أبا بكر كان محترما موقرا فيما بين الخلق قبل دخوله في الإسلام، وهذا ممنوع. وإذا كان كذلك لم يظهر الفرق الذي ذكرتم.
فثبت بما ذكرنا أن إسلام علي كان متقدما على إسلام أبي بكر.
وإذا ثبت هذا وجب أن يقال: إن عليا أفضل من أبي بكر لقوله تعالى:
السابقون السابقون* أولئك المقربون (2) ولقوله تعالى في مدح الأنبياء (عليهم السلام):
إنهم كانوا يسارعون في الخيرات (3).
صفحه ۲۶۷