قال الشعبي: هذا كلام عربي، وتفسيره: إن حرب بن أمية كان إذا خرج في سفر فعرضت له ثنية أو عقبة فتنحنح، لم يقدم أحد أن يسلكها حتى يجوزها حرب، فجاء غلام من بني أسيد فجاز العقبة قبل حرب، فهدده حرب وقال له:
سيمكنني الله منك إن دخلت مكة، فضرب الدهر ضرباته أن قدم الأسيدي مكة فسأل عن أعز أهل مكة، فقيل له: عبد المطلب، فقال: دون عبد المطلب، قيل:
فالزبير. فقرع عليه الباب، فقال الزبير: إن كنت مستجيرا أجرناك، وإن كنت طالب قرى قريناك. فأنشأ الأسيدي يقول:
لاقيت حربا بالثنية مقبلا * كالليل أبلج (1) ضوؤه للساري فتركته خلفي وسرت أمامه * وكذاك كنت أكون في الأسفار أنا يهددني الوعيد ببلدة * فيها الزبير كمثل ليث ضار ليث هزبر (2) يستضاء بقربه * رحب المباءة (3) حافظ للجار وحلفت بالبيت العتيق وركنه * وبزمزم والحجر ذي الأستار إن الزبير لمانعي بمهند * عضب المهزة صارم بتار قال الزبير: قد أجرتك فسر أمامي فإنا بني عبد المطلب إذا أجرنا رجلا لم نتقدمه. فمضى والزبير في أثره، فلقيه حرب، فقال الأسيدي: ورب الكعبة ثم شد عليه، واخترط الزبير سيفه ونادى في إخوته، ومضى حرب يشتد والزبير في أثره حتى دخل دار عبد المطلب.
فقال: ميهم يا حرب.
قال: ابنك الزبير.
قال: ادخل الدار، وكفا عليه جفنة هاشم التي كان يهشم فيها الثريد ويطعم الناس.
وجاء بنو عبد المطلب فجلسوا بالباب، واحتبوا بحمائل سيوفهم، فخرج إليهم
صفحه ۳۶