الدر المصون
الدر المصون
أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي (المتوفى: 756 ه) - ۷۵۶ ه.ق
پژوهشگر
الدكتور أحمد محمد الخراط
ناشر
دار القلم
محل انتشار
دمشق
واختلف النحويون في اشتقاقه: فذهب أهلُ البصرة إلى أنه مشتقٌ من السُّمُوِّ وهو الارتِفاعُ، لأنه يَدُلُّ على مُسَمَّاه فيرفعُه ويُظْهِرهُ، وذهب الكوفيون إلى أنه مشتق من الوَسْم وهو العلامةُ لأنه علامةٌ على مُسَمَّاه، وهذا وإنْ كان صحيحًا من حيث المعنى لكنه فاسدٌ من حيث التصريفُ.
استدلَّ البصريون على مذهبهم بتكسيرِهم له على «أَسْماء» وتصغيرهم له على سُمَيّ، لأن التكسير والتصغير يَرُدَّان الأشياء إلى أصولها، وتقولُ العَربُ: فلانٌ سَمِيُّك، وسَمَّيْتُ فلانًا بكذا، وأَسْمَيْتُه بكذا، فهذا يَدُلُّ على اشتقاقه من السموّ، ولو كان من الوَسْم لقيل في التكسير: أَوْسام، وفي التصغير: وُسَيْم، ولقالوا: وَسِيمُك فلانٌ ووَسَمْتُ وأَوْسَمْتُ فلانًا بكذا، فدلَّ عدمُ قولِهم ذلك أنه ليس كذلك. وأيضًا فَجَعْلُه من السموّ مُدْخِلٌ له في البابِ الأكثرِ، وجَعْلُه من الوَسْم مُدْخِلٌ له في الباب الأقلِّ؛ وذلك أن حَذْفَ اللام كثيرٌ وحذفَ الفاءِ قليلٌ، وأيضًا فإنَّا عَهِدْناهم غالبًا يُعَوِّضون في غير محلِّ الحَذْفَ فَجَعْلُ همزةِ الوصل عوضًا من اللام موافقٌ لهذا الأصل بخلافِ ادِّعاءِ كَوْنِها عوضًا من الفاء. فإن قيل: قولُهم «أسماء» في التكسير و«سُمَيّ» في التصغير لا دلالةَ فيه لجوازِ أن يكون الأصلُ: أَوْسَامًا ووُسَيْمًا، ثم قُلِبَتِ الكلمةُ بأَنْ أُخِّرَتْ فاؤُها بعد لامها فصار لفظُ أَوْسام: أَسْماوًا، ثم أُعِلَّ إعلالَ كساء، وصار وُسَيْم سُمَيْوًَا، ثم أُعِلَّ إعلالَ جُرَيّ تصغير جَرْو. فالجوابُ أنَّ ادِّعاء ذلك لا يفيدُ، لأنَّ القَلْبَ على خلافِ القياس فلا يُصارُ إليه ما لم تَدْعُ إليه ضرورةٌ. وهل لهذا الخلافِ فائدةٌ أم لا؟ والجوابُ أن له فائدةً، وهي أَنَّ مَنْ قال باشتقاقِه من العلوِّ يقول: إنه لم يَزَلْ موصوفًا قبل وجودِ الخلق وبعدَهم
1 / 19