212

الدر المصون

الدر المصون

ویرایشگر

الدكتور أحمد محمد الخراط

ناشر

دار القلم

محل انتشار

دمشق

مقدَّمةٌ، وأنَّ في «بعوضة» تسعة أوجهٍ. والصوابُ من ذلك كلّهِ أن يكونَ «ضَرَبَ» متعديًا لواحدٍ بمعنى بَيَّن، و«مثَلًا» مفعولٌ به، بدليلِ قولِه: ﴿ضُرِبَ مَثَلٌ﴾ [الحج: ٧٣]، و«ما» صفةٌ للنكرة، و«بعوضةً» بدلٌ لا عطفُ بيان، لأن عطفَ البَيان ممنوعٌ عند جمهور البصريين في النكراتِ.
وقرأ ابن أبي عَبْلة والضحاك برفع «بعوضةٌ»، واتفقوا على أنها خبرٌ لمبتدأ، ولكنهم اختلفوا في ذلك المبتدأ، فقيل: هو «ما» على أنها استفهاميةٌ، أي: أيُّ شيء بعوضةٌ، وإليه ذهب الزمخشري ورجَّحه. وقيل: المبتدأ مضمرٌ تقديرُه: هو بعوضةٌ، وفي ذلك وجهان، أحدُهما: أن تُجْعَلَ هذه الجملةُ صلةً ل «ما» لكونِها بمعنى الذي، ولكنه حَذَفَ العائد وإن لم تَطُل الصلةُ، وهذا لا يجوزُ عند البصريين إلا في «أيّ» خاصةً لطولِها بالإِضافة، وأمَّا غيرُها فشاذٌّ أو ضرورةٌ، كقراءةِ: ﴿تَمَامًا عَلَى الذي أَحْسَنُ﴾ [الأنعام: ١٥٤]، وقولِه:
٣٠٦ - مَنْ يُعْنَ بالحَقِّ لا يَنْطِقْ بما سَفَهٌ ... ولا يَحِدْ عن سَبيلِ الحَمْدِ والكَرمِ

1 / 225