Duroos of Sheikh Muhammad Isma'il Al-Muqaddim
دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم
ژانرها
من أسباب قسوة القلب ومرضه: استحسان المنكرات
عن حذيفة رضي الله ﵎ عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودًا عودًا، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء) وهذه أيضًا من الأبواب التي يسمم بها القلب، ويطرأ عليه بسببها الصدأ والسواد والتعكير؛ لأنه حينما يرى المنكرات ولا يتمعر وجهه غضبًا لله ﵎، بل لا يكتفي أنه لم ينكر الحرام، بل يستلذ بهذا الحرام ويستحسنه والعياذ بالله، فيكون ذلك سوادًا في قلبه، وهو لا يشعر أن النظر إلى فساد التلفاز -مثلًا- يعتبر معصية، لكنه يظن أن هذه متعة، وأن الوقت الذي يقضيه في هذه المعصية يعود عليه بنفع موافق لهواه ولشهواته، فهو لا يستقبح المعصية، لكنه يستحسنها، فتنكت كل معصية نكتة سوداء في قلبه، ويموت قلبه رويدًا رويدًا، ولهذا لما سئل سفيان رحمه الله تعالى: ما بال أهل الأهواء شديدو المحبة لأهوائهم؟ قال: ألم تر إلى قوله ﵎: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾ [البقرة:٩٣]، فهكذا يشرب الإنسان المعاصي ويستحسنها، وتنقلب المفاهيم والموازين في قلبه فيرى المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، فأنى له الهداية إن لم يتداركه الله برحمته؟! يقول ﷺ: (تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودًا عودًا، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى يصير القلب أبيض مثل الصفاء لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادًا كالكوز مجخيًا، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه).
فيكون الهوى هو الحاكم، وبذلك يصبح قلبه أسود مربادًا، يعني: متغيرًا.
قوله: (كالكوز مجخيًا) أي: كالكوز المقلوب، وهل الكوز المقلوب يستوعب الحكمة؟ لا، فكذلك هذا القلب منكوس، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، إلا ما أشرب من هواه.
4 / 7