Duroos of Sheikh Abdullah Al-Jalali
دروس للشيخ عبد الله الجلالي
ژانرها
قوله تعالى: (يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار)
هناك آية أخرى يراها الإنسان في كل يوم وليلة، ويراها الإنسان في كل سنة عدة مرات، ولربما يراها في الصباح والمساء، يزيد الليل ويزيد النهار، ويكون الليل أطول من النهار أو النهار أطول من الليل حسب فصول السنة، في كل يوم يحصل هذا التغير، وليلة باردة وليلة حارة، ويوم بارد ويوم حار، تقلب بإرادة الله ﷿، فمن يستطيع أن يفعل هذا الفعل؟ لا يستطيع ذلك إلا الله، ولذلك من آيات الله ﷿ الكونية أنه يقلب الليل والنهار، فيزيد الليل لينقص النهار، ويزيد النهار لينقص الليل، ويجعل الوقت باردًا أو حارًا أو متوسط البرودة والحرارة، إذًا هذه من آيات الله ﷿.
ولو نظرت إلى الساعة في هذا اليوم وقارنتها بالساعة في مثل هذا اليوم لسنوات مضت منذ آلاف السنين فلن تجد أن هذا الكون يختلف، أو أن هذا الزمن يختلف لحظة واحدة، فمن نظم هذا الكون بهذا المقدار وبهذه الدقة التي لا يستطيعها إلا الله ﷿؟ إنه الله ﷾، ولذلك تقليب الليل والنهار بزيادة ونقص، وطول وقصر، وبرودة وحرارة لا يستطيعه إلا الله ﷿، فهذه الدقة في الصنعة آية من آيات الله، فالله تعالى يقول: (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) بالزيادة والنقص وغير ذلك (إِنَّ فِي ذَلِكَ) أي: في تقليب الليل والنهار (لَعِبْرَةً لِأُوْلِي الأَبْصَارِ) أي: آية ودليل قاطع يعتبر منه الإنسان، لكن لا يتعظ بذلك إلا أولوا الأبصار، أما الماديون فيقولون: المادة هي التي تصنع هذا الشيء.
والدهريون والملاحدة يقولون: هذا الفضاء يسبح بطبيعته، ونظم نفسه.
فهل يستطيع أن ينظم نفسه بنفسه؟ ومن يستطيع أن ينظم هذا الكون بدقة؟ فهذا النظام الذي وضعه هو الله ﷿ وصفه في هذه الحياة، خلاف ما يعتقده الملاحدة الذين يظنون، بل لا أظنهم يظنون، بل أنا متأكد أنهم يؤمنون بقرارة أنفسهم؛ لأن الإيمان فطرة، ولكنهم يريدون أن يخالفوا هذا الإيمان لمصالحهم، كما قال فرعون: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص:٣٨] والله تعالى يقول عنه: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النمل:١٤].
إذًا معنى ذلك أن هذا النظام الرتيب الذي وضعه الله ﷿ في هذا الكون أعظم دليل على وجود الخالق ﷾، وعلى قدرته ووحدانيته، ولذلك الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ﴾ [النور:٤٤] لكن لا يستفيد من هذه الأدلة ومن هذه الدروس إلا أولوا الأبصار وأصحاب العقول.
7 / 6