الدرر في اختصار المغازي والسير
الدرر في اختصار المغازي والسير
پژوهشگر
الدكتور شوقي ضيف
ناشر
دار المعارف
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٤٠٣ هـ
محل انتشار
القاهرة
وَذَلِكَ يَوْم الْجُمُعَة، فصلى على رجل من بني النجار مَاتَ ذَلِك الْيَوْم يُقَال لَهُ مَالك بْن عَمْرو، وَقيل: بل اسْمه مُحرز بْن عَامر. وَنَدم قوم من الَّذين ألحوا فِي الْخُرُوج وَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّه إِن شِئْت فَارْجِع، فَقَالَ رَسُول اللَّه ﷺ: "مَا يَنْبَغِي لنَبِيّ إِذا لبس لأْمَتَهُ أَن يَضَعهَا حَتَّى يُقَاتل".
فَخرج رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي ألف من أَصْحَابه، وَاسْتعْمل ابنَ أم مَكْتُوم على الصَّلَاة لمن بَقِي بِالْمَدِينَةِ من الْمُسلمين، فَلَمَّا سَار رَسُول اللَّه ﷺ نَحْو أحد انْصَرف عَنهُ عَبْد اللَّهِ بْن أبي بْن سلول بِثلث النَّاس مغاضبا، إِذْ خُولِفَ رَأْيه، فاتبعهم عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن حرَام، فَذَكَّرَهُمُ اللَّهَ والرجوعَ إِلَى رَسُول اللَّه ﷺ، فَأَبَوا عَلَيْهِ، فسبهم، وَرجع عَنْهُم إِلَى رَسُول اللَّه ﷺ. ونهض رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْمُسْلِمين، وَذكر لَهُ قوم من الْأَنْصَار أَن يستعينوا بحلفائهم من يهود، فَأبى عَلَيْهِم. وسلك على حرَّة بن حَارِثَة، وشق أَمْوَالهم١ حَتَّى مَشى على مَال لمربع بْن قيظي وَكَانَ ضَرِير الْبَصَر فَقَامَ يحثو٢ التُّرَاب فِي وُجُوه الْمُسلمين وَيَقُول: إِن كنتَ رَسُول اللَّه فَلَا يحل لَك أَن تدخل حائطي٣ وَأكْثر من القَوْل. فَابْتَدَرَهُ أَصْحَاب رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ليقتلوه، فَقَالَ ﵇: "فَهَذَا الْأَعْمَى أعمى الْقلب أعمى الْبَصَر". وضربه سعد بْن زيد أَخُو بني عَبْد الْأَشْهَل بقوسه فَشَجَّهُ فِي رَأسه. وَنفذ رَسُول اللَّهِ ﷺ حَتَّى نزل الشّعب من أحد فِي عدوة الْوَادي إِلَى الْجَبَل، فَجعل ظَهره إِلَى أحد، وَنهى النَّاس عَن الْقِتَال حَتَّى يَأْمُرهُم. وسرحت قُرَيْش الظّهْر٤ والكراع فِي زروع الْمُسلمين بقناة. وتعبأ رَسُول اللَّهِ ﷺ لِلْقِتَالِ، وَهُوَ فِي سَبْعمِائة، وَقيل: إِن الْمُشْركين كَانُوا ثَلَاثَة آلَاف فيهم مِائَتَا فَارس، وَقيل: كَانَ فِي الْمُسلمين يَوْمئِذٍ خَمْسُونَ فَارِسًا٥. وَكَانَ رُمَاة الْمُسلمين خمسين رجلا. وَأَمَّرَ رَسُول اللَّه ﷺ على الرُّمَاة عبد الله بن جبر أَخا بني عَمْرو بْن عَوْف وَهُوَ أَخُو خَوات بْن جُبَير، وَعبد الله يَوْمئِذٍ معلم
١ أَمْوَالهم هُنَا: زُرُوعهمْ. ٢ يحثو: يَرْمِي ٣ الْحَائِط: بُسْتَان النخيل. ٤ الظّهْر: الْإِبِل. الكراع: الْخَيل. ٥ قيل: لم يكن مَعَ الْمُسلمين فرس وَاحِد، وَقيل كَانَ مَعَهم فرس الرَّسُول وَفرس أبي بردة.
1 / 146