واعلم أن كلام الآمدي (١) يشعر باللزوم العقلي (٢)، وقد صرح به الإمام في "المحصل" (٣)، وليس بشئ؛ لأنه قد ثبت أنه تعالى فاعل بالاختيار، ولا لزوم مع الاختيار.
فإن قلت: لم لا يجوز أن يجعل متعلق الاختيار الملزوم، وكلما وُجد الملزوم وُجد اللازم: فيتجه ما قالوا؟
قلت: كما ثبت أنه مختار ثبت أن الأشياء كلها مستندة إليه ابتداء، فيجب استناد وجود اللازم إليه اختيارًا ابتداء، فلا يتم اللزوم العقلي.
(١) هو علي بن علي، أبو الحسن سيف الدين الآمدى الأصولي، المتكلم أحد أذكياء العالم ولد بآمد وقرأ بها، وحفظ كتابًا في مذهب الإمام أحمد، ثم قدم بغداد، فقرأ فيها القراءات، وسمع الحديث على أبى الفتح بن شاتيل، ثم انتقل إلى مذهب الشافعي، وتفنن في علم النظر، وأحكم الأصلين والفلسفة وسائر العقليات ثم دخل مصر، وتفرغ للتدريس والإقراء، وتخرج به جماعة، ثم قدم حلب فأقام بها، وقد أخذ عنه العلم أصولًا، وكلامًا، وخلافًا العديد من العلماء، له مؤلفات منها: الإحكام في أصول الفقه، والأبكار في أصول الدين، وغاية المرام في علم الكلام، وغاية الأمل في علم الجدل، ودقائق الحقائق في الفلسفة وغيرها، وتوفي بحلب سنة (٦٣١ هـ).
راجع: مرأة الجنان: ٤/ ٧٣، ووفيات الأعيان: ٣/ ٢٩٣، والعبر: ٥/ ١٢٤، وطبقات السبكي: ٨/ ٣٠٦، وطبقات الأسنوى: ١/ ١٢٤ - ١٢٥، والبداية والنهاية: ١٣/ ١٤٠، ولسان الميزان: ٣/ ١٣٤، وحسن المحاضرة: ١/ ٥٤١، وشذرات الذهب: ٥/ ١٤٤، ومفتاح السعادة: ٢/ ١٧١، وكشف الظنون: ١/ ١٧.
(٢) راجع: الإحكام له: ١/ ٩.
(٣) واختاره إمام الحرمين، والكيا وغيرهما.
راجع: المحصل للرازي: ص/ ٦٦، وتشنيف المسامع: ق (١١ / ب).