درر الحكام شرح غرر الأحكام

Molla Hüsrev d. 885 AH
131

درر الحكام شرح غرر الأحكام

درر الحكام شرح غرر الأحكام

ناشر

دار إحياء الكتب العربية ومیر محمد کتب خانه

شماره نسخه

الأولى

محل انتشار

القاهرة وکراچی

ژانرها

فقه حنفی
(هُوَ مَنْ جَاوَزَ بُيُوتَ مُقَامِهِ) أَيْ مَوْضِعَ إقَامَتِهِ أَعَمُّ مِنْ الْبَلَدِ وَالْقَرْيَةِ فَإِنَّ الْخَارِجَ مِنْ قَرْيَتِهِ لِلسَّفَرِ مُسَافِرٌ أَيْضًا فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِمْ بُيُوتُ بَلَدِهِ جَمْعُ الْبُيُوتِ إذْ لَوْ بَقِيَ أَمَامَهُ بَيْتٌ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا (قَاصِدًا قَطْعَ مَسَافَةٍ) فَمَنْ جَاوَزَ وَلَمْ يَقْصِدْ أَوْ قَصَدَ وَلَمْ يُجَاوِزْ لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا (تُقْطَعُ) أَيْ مِنْ شَأْنِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ أَنْ تُقْطَعَ (بِسَيْرٍ وَسَطٍ) اُعْتُبِرَ فِي الْوَسَطِ لِلْبَرِّ سَيْرُ الْإِبِلِ وَالرَّاجِلِ وَلِلْبَحْرِ اعْتِدَالُ الرِّيحِ وَلِلْجَبَلِ مَا يَلِيقُ بِهِ (فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَعَ الِاسْتِرَاحَاتِ) مَعْنَى قَوْلِ عُلَمَائِنَا أَدْنَى مُدَّةِ السَّفَرِ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا مَعَ الِاسْتِرَاحَاتِ الَّتِي تَكُونُ فِي خِلَالِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَمْشِيَ دَائِمًا بَلْ يَمْشِي فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَيَسْتَرِيحُ فِي بَعْضِهَا وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلِكَوْنِ اللَّيَالِي مِنْ أَوْقَاتِ الِاسْتِرَاحَةِ تُرِكَتْ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَذُكِرَتْ فِي بَعْضِهَا (وَيُرَخَّصُ لَهُ) أَيْ لِلْمُسَافِرِ (وَلَوْ) كَانَ (عَاصِيًا فِيهِ) أَيْ فِي سَفَرِهِ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَسَفَرِ الْمَرْأَةِ لِلْحَجِّ بِلَا مَحْرَمٍ وَسَفَرِ الْعَبْدِ الْآبِقِ مِنْ مَوْلَاهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هَذَا السَّفَرُ لَا يُفِيدُ الرُّخْصَةَ (قَصْرُ الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ) فَاعِلُ يُرَخَّصُ قَيَّدَ بِالْفَرْضِ إذْ لَا قَصْرَ فِي ــ [حاشية الشرنبلالي] (قَوْلُهُ مَنْ جَاوَزَ بُيُوتَ مُقَامِهِ. . . إلَخْ) لَا يَشْمَلُ أَهْلَ الْأَخْبِيَةِ إذْ لَيْسَ فِيهِ مُجَاوَزَةُ بَيْتٍ بَلْ انْتِقَالٌ عَنْ مَحَلِّهِ اهـ. وَيَدْخُلُ مَا كَانَ مِنْ مَحَلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ وَفِي الْقَدِيمِ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْمِصْرِ وَيَدْخُلُ فِي بُيُوتِ الْمِصْرِ رَبَضُهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالرَّبَضُ مَا حَوْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ بُيُوتٍ وَمَسَاكِنَ كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَأَمَّا فِنَاءُ الْمِصْرِ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْمِصْرِ كَرَكْضِ الدَّوَابِّ وَدَفْنِ الْمَوْتَى فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ، وَقَدْ فَصَّلَ فِيهِ قَاضِي خَانْ فَقَالَ وَهَلْ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْفِنَاءِ إنْ كَانَ بَيْنَ الْمِصْرِ وَفِنَائِهِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ غَلْوَةٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَزْرَعَةٌ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْفِنَاءِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَزْرَعَةٌ أَوْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْمِصْرِ وَفِنَائِهِ قَدْرَ غَلْوَةٍ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ عُمْرَانُ الْمِصْرِ وَلَا يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْفِنَاءِ، وَكَذَا إذَا كَانَ هَذَا الِانْفِصَالُ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ أَوْ بَيْنَ قَرْيَةٍ وَمِصْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْقُرَى مُتَّصِلَةً بِرَبَضِ الْمِصْرِ فَالْمُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْقُرَى هُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ مُتَّصِلَةً بِفِنَاءِ الْمِصْرِ لَا بِرَبَضِ الْمِصْرِ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْفِنَاءِ وَلَا يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْقَرْيَةِ اهـ. وَقَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ نَقْلِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ مُفَارَقَةُ بُيُوتِ الْمِصْرِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ الْقَصْرِ فَفِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ أَيْ الْهِدَايَةِ إرْسَالٌ غَيْرُ وَاقِعٍ، وَلَوْ ادَّعَيْنَا ثُبُوتَ تِلْكَ الْقُرَى دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى الْمِصْرِ انْدَفَعَ هَذَا لَكِنَّهُ تَعَسُّفٌ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ إذْ لَوْ بَقِيَ أَمَامَهُ بَيْتٌ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُحَاذَاةُ الْعُمْرَانِ لِأَحَدِ جَانِبَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ قَاصِدًا قَطْعَ مَسَافَةٍ) أَقُولُ أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ حَتَّى لَوْ خَرَجَ صَبِيٌّ وَكَافِرٌ قَاصِدَيْنِ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَفِي أَثْنَائِهَا بَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ يَقْصُرُ الَّذِي أَسْلَمَ فِيمَا بَقِيَ وَيُتِمُّ الَّذِي بَلَغَ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ مِنْ الصَّبِيِّ حَيْثُ أَنْشَأَ السَّفَرَ بِخِلَافِ النَّصْرَانِيِّ وَالْبَاقِي بَعْدَ صِحَّةِ النِّيَّةِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ لَكِنْ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ الْحَائِضُ إذَا طَهُرَتْ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَقْصِدِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تُصَلِّي أَرْبَعًا هُوَ الصَّحِيحُ اهـ قُلْت وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا لَا تَنْزِلُ عَنْ رُتْبَةِ الَّذِي أَسْلَمَ فَكَانَ حَقُّهَا الْقَصْرَ مِثْلَهُ اهـ. وَهَذَا أَيْ كَوْنُهُ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ أَحَدَ شُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ لِصِحَّةِ النِّيَّةِ ذَكَرَهَا الْمَقْدِسِيُّ عَنْ الزَّاهِدِيِّ وَثَانِيهَا الِاسْتِقْلَالُ بِالْحُكْمِ فَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ التَّابِعِ وَثَالِثُهَا أَنْ يَنْوِيَ سَفَرًا صَحِيحًا وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا فَوْقَهَا وَذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ وَلِلْبَحْرِ اعْتِدَالُ الرِّيحِ) هَذَا مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَمْ يَذْكُرْ مَسِيرَ السَّفَرِ فِي الْمَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ. (قَوْلُهُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَقُولُ الْمُرَادُ مَنْ قَصَرَ أَيَّامَ السَّنَةِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ بِالْمَرَاحِلِ وَلَا الْفَرَاسِخِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ بِالْفَرَاسِخِ هُوَ الصَّحِيحُ. اهـ. . وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ فَإِنَّهُمْ قَدَّرُوهَا بِالْفَرَاسِخِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ. وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ اخْتَارَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ تَقْدِيرَ أَقَلِّ مُدَّةِ السَّفَرِ بِالْأَمْيَالِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ بِثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ مِيلًا، وَقِيلَ يُفْتَى بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ، وَقِيلَ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ اهـ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ النِّهَايَةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى اعْتِبَارِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَرْسَخًا. وَفِي الْمُجْتَبَى فَتْوَى أَكْثَرِ أَئِمَّةِ خَوَارِزْمَ عَلَى خَمْسَةَ عَشْرَةَ فَرْسَخًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِالْفَرَاسِخِ ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَأَنَا أَعْجَبُ مِنْ فَتْوَاهُمْ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ بِمَا يُخَالِفُ مَذْهَبَ الْإِمَامِ خُصُوصًا الْمُخَالِفَ لِلنَّصِّ الصَّرِيحِ. اهـ. (قَوْلُهُ مَعَ الِاسْتِرَاحَاتِ. . . إلَخْ) أَقُولُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِمَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَفَرُ كُلِّ يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ حَتَّى لَوْ بَكَّرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَمَشَى إلَى الزَّوَالِ وَبَلَغَ الْمَرْحَلَةَ وَنَزَلَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَبَاتَ فِيهَا ثُمَّ فَعَلَ كَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَصِيرُ مُسَافِرًا اهـ. وَهُوَ تَصْحِيحُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ كَمَا فِي الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَاصِيًا فِيهِ) أَقُولُ خِلَافَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَاصِي بِسَفَرِهِ لَا فِي سَفَرِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاصِيَ فِي سَفَرِهِ يَقْصُرُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ. . . إلَخْ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِلْعَاصِي فِي سَفَرِهِ بِأَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعِصْيَانُ فِي السَّفَرِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِلْعَاصِي بِسَفَرِهِ بِأَنْ ابْتَدَأَهُ مُلْتَبِسًا بِالْمَعْصِيَةِ. (قَوْلُهُ قَصْرُ الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ فَاعِلُ يُرَخَّصُ)

1 / 132