وَمَعْلُوْمٌ أَنَّ حُصُوْلَ الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّوْقِ أَلَذُّ وَأَوْقَعُ فِي النَّفْسِ؛ كَقَوْلِ أَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِيِّ (١) مِنْ قَصِيْدَةٍ يَرْثِيْ بِهَا فَقِيْهًا حَنَفِيًّا: [الخفيف]
وَالَّذِيْ حَارَتِ الْبَرِيَّةُ فِيْهِ ... حَيَوَانٌ مُسْتَحْدَثٌ مِنْ جَمَادِ (٢)
وَالتَّعَجُّلِ: أَيْ وَإِمَّا أَنْ يُقَدَّمَ الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ؛ لِتَعْجِيْلِ الْمَسَرَّةِ أَوِ الْمَسَاءَةِ، لِلتَّفَاؤُلِ أَوِ التَّطَيُّرِ (٣)؛ نَحْوُ:
· (سَعْدٌ فِيْ دَارِكَ): لِتَعْجِيْلِ الْمَسَرَّةِ.
· وَ(السَّفَّاحُ فِيْ دَارِ صَدِيْقِكَ): لِتَعْجِيْلِ الْمَسَاءَةِ.
- وَإِمَّا أَنْ يُقَدَّمَ لِإِيْهَامِ (٤) أَنَّ الْمُسْنَدَ إِلَيْهِ لَا يَزُوْلُ عَنِ الْخَاطِرِ؛ لِكَوْنِهِ مَطْلُوْبًا (٥).
- أَوْ أَنَّهُ يُسْتَلَذُّ؛ لِكَوْنِهِ مَحْبُوْبًا (٦).
- وَإِمَّا لِنَحْوِ ذَلِكَ؛ مِثْلُ: إِظْهَارِ تَعْظِيْمِهِ (٧)، أَوْ تَحْقِيْرِهِ (٨).
(١) ت ٤٤٩ هـ. انظر: الأعلام ١/ ١٥٧.
(٢) له في سقط الزّند ص ٥٨، ومفتاح العلوم ص ٢٧٥، وإيجاز الطّراز ص ١٣٩، ومعاهد التّنصيص ١/ ١٣٥، وبلا نسبة في الإيضاح ٢/ ٥١. ومبعثُ التَّمكين أنَّ صلةَ المبتدأ (حارت البريّة فيه) تُثيرُ في النَّفس الدّهشةَ والتَّساؤلَ عن هذا الذي حيَّرَ البريّةَ كُلَّها، وتأذنُ - بسبب طولِها - بمزيدِ ترقُّبٍ وانتظارٍ من جانب المتلقِّي للخبر الذي سيُلقى عليه، حتّى إذا جاء بعد هذا التَّشوُّق ركَزَ في ذِهنِه؛ كأنّه شيءٌ مقطوعٌ به، ولا مُحاجّةَ فيه. انظر: المفصَّل في علوم البلاغة ص ١٣٨.
(٣) أي: إنْ كانَ المسندُ إليه المقدَّمُ صالحًا للتَّفاؤلِ فهو لتعجيلِ المسرَّةِ، وإنْ كان مُناسبًا للتَّطيُّر فهو لتعجيلِ المساءةِ.
(٤) صل: لإبهام؛ تصحيف.
(٥) نحوُ: «اللهُ حَسْبي»، أو «رحمةُ الله تُرجى»، أو «نصرُ الله قريبٌ».
(٦) نحوُ: «سلمى حبيبتي».
(٧) نحوُ: «قاهرُ الأعداءِ جاءَ».
(٨) نحوُ: «الكذَّابُ يدعونا إلى الصِّدق» أو «ولدُ الحجَّامِ حضَرَ».