درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة
درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة
ژانرها
============================================================
الكاتب شمس الدين محمد بن محمد بن نمير الشهير بابن السراج، قال: رحلث إلى ثغر إسكندرية لأخذ القراءات عن شيخنا مكين الدين عبدالله ابن منصور السمسار في البر، غرف بالمكين الأسمر، فلزمته مدة أقرأ عليه في خلوته بجامع العطارين من الثغر، وبكرت إليه ذات يوم على عادتي، وجلست بباب الخلوة لأستأذن عليه، فسمعت قراءة شخص يقرأ عليه، فأمسكت عن الاستثذان حتى فرغ من القراءة وأنا أظته بعض الطلبة، فتنحنحت لما فرغ كي يعلم الشيخ مكاني. فقال لي الشيخ عند ذلك: أحضرت؟ قلت: نعم. قال: سمعت الصوت؟ قلت: بلى. قال: ذاك رجل من الجان يقرأ علي القرآن، ثم أذن لي فقرأت حزبي، ثم سار إلى الشوق وآنا معه، فأتى بعض التجار، وجلس على حانوته، وقال له: هل بعت بالأمس ثوبا صفته كذا؟ فقال التاجر: قد كان ذلك. قال: وأخبرت الذي اشتراه بأن شراءه عليك بزيادة عما اشتريته به عشرين درهما؟ قال: فبهت عند ذلك التاجر وقال له الشيخ: أين ثمنه؟ فمد التاجر يده وأخرج ورقة حمراء من داخل حانوته فيها دراهم، فأمره الشيخ بوزنها، فوزنها فإذا هي قد نقصت عشرين درهما مما كان يعهده بالأمس قال: فأخرج الشيخ من جيبه ورقة حمراء فيها دراهم فرمى بها إلى التاجر وقال: زن هذه، فوزنها فجاءت عشرين درهما سواء، فقال له: خذها فإنها دراهمك بعينها، وإياك والعود لما صنعت. ثم أقبل علي وقال لي: يا محمد، إن الجني الذي سمعت قراءته علي أحضر إلي هذه الورقة وفيها ما رأيت من الفضة، وأخبرني أن هذا التاجر باع ثوبا لرجل، وأثه أخبره ثمنه بزيادة عشرين درهما عما اشتراه به، وأله أخذ العشرين الزائدة، وجعلها في قطعة من الورقة التي صر فيها التاجر الدراهم، وأحضرها إلي، وذكر لي أن الله عز وجل أباح لهم أن يأخذوا ما كان مثل ذلك من أموال الإنس التي لا يحل لهم أخذها. قال : وأخذ التاجر يتأمل الورقة التي صر بها الدراهم بالأمس، فإذا هي قد قطع منها قدر الضرة 189
صفحه ۱۸۹