Durar al-Hukkam fi Sharh Majallat al-Ahkam

Ali Haidar d. 1353 AH
7

Durar al-Hukkam fi Sharh Majallat al-Ahkam

درر الحكام في شرح مجلة الأحكام

ناشر

دار الجيل

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١١هـ - ١٩٩١م

ژانرها

مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا سَافَرَ رَجُلٌ إلَى بِلَادٍ بَعِيدَةٍ فَانْقَطَعَتْ أَخْبَارُهُ مُدَّةً طَوِيلَةً، فَانْقِطَاعُ أَخْبَارِهِ يُجْعَلُ شَكًّا فِي حَيَاتِهِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ الشَّكَّ لَا يُزِيلُ الْيَقِينَ، وَهُوَ حَيَاتُهُ الْمُتَيَقَّنَةَ قَبْلًا وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِمَوْتِهِ وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ اقْتِسَامُ تَرِكَتِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ يَقِينًا، وَبِالْعَكْسِ إذَا سَافَرَ آخَرُ بِسَفِينَةٍ وَثَبَتَ غَرَقُهَا فَيُحْكَمُ بِمَوْتِ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ ظَنٌّ غَالِبٌ وَالظَّنُّ الْغَالِبُ كَمَا تَقَدَّمَ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ. مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ بِمَبْلَغٍ لِآخَرَ قَائِلًا أَظُنُّ أَنَّهُ يُوجَدُ لَك بِذِمَّتِي كَذَا مَبْلَغٌ فَإِقْرَارُهُ هَذَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَالْأَصْلُ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ فَمَا لَمْ يَحْصُلْ يَقِينٌ يَشْغَلُ ذِمَّتَهُ لَا يَثْبُتُ الْمَبْلَغُ عَلَيْهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ إذْ أَنَّ إقْرَارَهُ لَمْ يَنْشَأْ مِنْهُ عَنْ يَقِينٍ بَلْ عَنْ شَكٍّ وَظَنٍّ، وَهَذَا لَا يُزِيلُ الْيَقِينَ بِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُقِرِّ كَمَا لَا يَخْفَى. [(الْمَادَّةُ ٥) الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ] (الْمَادَّةُ ٥): الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ. يَعْنِي: يُنْظَرُ لِلشَّيْءِ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ فَيُحْكَمُ بِدَوَامِهِ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ. وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُدْعَى (الِاسْتِصْحَابُ) وَقَاعِدَةُ الْقَدِيمِ عَلَى قِدَمِهِ فَرْعٌ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ. الِاسْتِصْحَابُ: هُوَ الْحُكْمُ بِتَحَقُّقِ وَثُبُوتِ شَيْءٍ بِنَاءً عَلَى تَحَقُّقِ وَثُبُوتِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ، وَالِاسْتِصْحَابُ حُجَّةٌ دَافِعَةٌ لَا حُجَّةٌ مُثَبِّتَةٌ، وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: (اسْتِصْحَابُ الْمَاضِي بِالْحَالِ) وَ(اسْتِصْحَابُ الْحَالِ بِالْمَاضِي) . اسْتِصْحَابُ الْمَاضِي بِالْحَالِ: هُوَ الْحُكْمُ عَلَى شَيْءٍ بِبَقَائِهِ عَلَى الْحَالِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي الزَّمَنِ السَّابِقِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ وَيُقَالُ لَهُ اسْتِصْحَابُ (الْمَاضِي بِالْحَالِ) . اسْتِصْحَابُ الْحَالِ بِالْمَاضِي: هُوَ اعْتِبَارُ حَالَةِ الشَّيْءِ فِي الزَّمَنِ الْحَاضِرِ أَنَّهَا حَالَةُ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي الْمَاضِي مَا لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ ثَبَتَ تَحَقُّقُ شَيْءٍ فِي الْمَاضِي، ثُمَّ حَصَلَ شَكٌّ فِي زَوَالِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ كَالْمَفْقُودِ مَثَلًا، وَهُوَ الَّذِي يَغِيبُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً إذَا حَصَلَ شَكٌّ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فِي حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ، فَبِاسْتِصْحَابِ الْمَاضِي بِالْحَالِ يُحْكَمُ بِحَيَاةِ الْمَفْقُودِ إذْ أَنَّهَا الشَّيْءُ الْمُتَحَقِّقُ فِي الْمَاضِي فَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِمَوْتِهِ وَلَا قِسْمَةِ تَرِكَتِهِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ أَوْ تَنْقَرِضْ أَمْثَالُهُ بِوُصُولِهِ سِنَّ التِّسْعِينَ. مِثَالٌ ثَانٍ: لَوْ ادَّعَى الْمَدِينُ إيصَالَ الدَّيْنِ لِلدَّائِنِ، وَالدَّائِنُ أَنْكَرَ الْإِيصَالَ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلدَّائِنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمَدِينِ فِي الْمَاضِي فَيُحْكَمُ تَبَعًا لِقَاعِدَةِ اسْتِصْحَابِ الْمَاضِي بِالْحَالِ عَلَى الْمَدِينِ بِتَأْدِيَةِ الْمَبْلَغِ بَعْدَ حَلِفِ الدَّائِنِ الْيَمِينَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمَدِينُ وُقُوعَ الْإِيصَالِ. هَذَا وَاسْتِصْحَابُ الْحَالِ بِالْمَاضِي كَمَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَالُ الشَّيْءِ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ مَعْلُومًا إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ شَكٌّ فِي عَدَمِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي الْوَقْتِ الْمَاضِي. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ اخْتَلَفَ شَخْصَانِ عَلَى مَاءٍ يَسِيلُ مِنْ دَارِ أَحَدِهِمَا إلَى دَارِ الْآخَرِ فِي كَوْنِهِ قَدِيمًا أَوْ حَدِيثًا وَعَجَزَ الْفَرِيقَانِ كِلَاهُمَا عَنْ إثْبَاتِ دَعْوَاهُمَا

1 / 23