ضحى الاسلام

احمد امین d. 1373 AH
91

ضحى الاسلام

ضحى الإسلام

ژانرها

تقضي تعاليم الإسلام - أو على الأقل المبادئ التي استنبطها الأئمة من أصول الأحكام، وجرى عليها العمل حتى عصرنا الذي نؤرخه - بأن «سبب الرق: وقوع الكافر أسيرا في يد المسلمين عند الحرب»، فإذا حارب المسلمون الكافرين فمن أسر من المحاربين منهم جاز للإمام أن يسترقه، كما يجوز له أن يسترق أهل البلد الذي فتح في الحرب، رجالا كانوا أو نساء.

1

وهذا الكفر والوقوع في الأسر هما سببا الرق، ولا يشترط لأجل بقاء الرق بقاء سببه؛ فلو وقع كافر في الأسر فاسترق ثم أسلم لا يزول عنه الرق.

2

وهذا الرقيق يعد مالا، شأنه في ذلك شأن المتاع، فمن استرق في الحرب عد جزءا من الغنيمة كالآلات الحربية، وكالنقود وكالخيل. وعلى الجملة مثله كمثل كل شيء مقوم وقع في يد الفاتحين، وشأن هذه الأشياء أن الإمام ينقلها إلى دار الإسلام، ثم يأخذ خمسها يصرفه في الصالح العام؛ من إعطاء للفقراء والمساكين، وصرف في وجوه البر المختلفة، وأما أربعة الأخماس فتوزع على من اشترك في القتال، والرقيق يفعل به ذلك، فخمسه للصالح العام، والباقي يقسم على المقاتلين. وقد ميزوا عند القسمة على المحاربين بين الفارس والراجل، وبعبارة أخرى بين الخيالة والرجالة؛ فجعل للفارس سهمان في قول بعض الفقهاء، وثلاثة في قول بعضهم، وللراجل سهم واحد، على هذا النمط الذي أبنا كان يوزع الرقيق.

وإذا كانت الحروب في صدر الإسلام تكاد تكون دائمة، وكان النصر للمسلمين يكاد يكون متلاحقا مطردا، والبلاد المفتوحة والأمم المغلوبة لا تكاد تعد؛ أمكننا أن نتصور كيف كان الرقيق لا يحصى كثرة، وكيف كان مختلفا متنوعا تنوع الأمم التي اشتبك معها المسلمون في قتال. وإذا كنا أبنا كيف يوزع الرقيق؛ فهمنا كيف انتشر بين المحاربين، ودخل في بيت كل منهم، وإذا كان الرقيق يعد مالا، وتجري عليه كل العقود المالية من بيع وشراء وإجارة ورهن؛ أمكننا أن نفهم أنه لم يقتصر على المحاربين، بل كان في متناول أيدي الناس جميعا، وكان له سوق يشتري منه من شاء، ويستخدمه كما شاء! •••

هذا من الناحية المالية، وأما علاقة الرجال بالإماء من الناحية الجنسية فنجملها فيما يأتي:

هناك سببان يحلان المرأة للرجل؛ عقد الزواج، وملك اليمين؛ فأما عقد الزواج فلا يحل للرجل الحر أن يتزوج أكثر من أربع، أعني أنه لا يحل له أن يكون على ذمته في وقت واحد أكثر من أربع زوجات، ولكن يحل له أن يطلق منهن، ويتزوج غيرهن بعد انقضاء عدتهن، هذا هو قول أكثر الفقهاء، وإن كان لغيرهم أقوال أخرى لا محل لها هنا، وهذا الحكم عام، سواء كانت الزوجات الأربع حرائر أو إماء، وكل الذي ذكره الفقهاء في هذا الموضوع أنه لا يحل أن يعقد الرجل عقد زواج على أمة إذا كان متزوجا حرة، ولكن العكس يصح، فيجوز له أن يتزوج حرة على أمة، وقد لوحظ في ذلك أن زواج الأمة بعد زواج الحرة امتهان للحرة، وجرح لشرفها وعزتها.

والأمر الثاني مما يحل المرأة للرجل «ملك اليمين»؛ أعني ملكية الرجل للأمة، قال تعالى:

فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم

صفحه نامشخص