الأمة الإسلامية لا تموت
المفهوم الثاني: إن أمة الإسلام أمة لا تموت ولن تموت إن شاء الله رب العالمين، ولو أصيب المسلمون بالإحباط فلا أمل في القيام، بل لا بد أن يتيقن المسلمون أن الدورة الأخيرة ستكون دائمًا لأمة الإسلام، وأن هذه الأمة لا تموت، وهي باقية ما بقيت الأرض، وأن الله ﷿ قال: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء:١٥]، وليس هناك رسول بعد رسول الله ﷺ، ومن ثم فلا بد أن تبقى الأمة التي تحمل الرسالة الأخيرة من الله ﷿ إلى خلقه، وإلا فمن يقيم حجة الله ﷿ على خلقه؟ ومن يأخذ بأيدي الناس إلى خالقهم؟ ومن يعلمهم الهدف من حياتهم؟ ومن يبصرهم كيف يعبدون ربهم؟ ومن يهديهم إلى عمارة الأرض وإقامة الشرع ورفع المظالم ورد الحقوق وإرساء العدل ونشر الرحمة؟ فمن يفعل كل هذا إن فنيت أمة الإسلام؟ فبقاء أمة الإسلام أمر حتمي تواترت عليه الأدلة من الكتاب والسنة، ولا بد أن يفقه المسلمون ذلك، ولكن -إخواني في الله- احذروا شيئًا خطيرًا، ألا وهو قاعدة الاستبدال، فالله ﷿ من سنته أن يهلك القرى الظالمة غير المسلمة إهلاكًا تامًا، ولكنه مع أمة الإسلام يطبق قانونًا خاصًا وهو قانون الاستبدال، فيهلك الجيل الفاسد من المسلمين، وينشئ جيلًا صالحًا مكانه، فيستبدل بالجيل الذي ألف القعود جيلًا اشتاق إلى الجهاد والحركة والبذل والعطاء، هذه سنة إلهية ماضية، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [التوبة:٣٨ - ٣٩].
ويقول الله ﷿ في سورة محمد: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ [محمد:٣٨].
فاحذروا -إخواني في الله! - من قاعدة الاستبدال.
8 / 12