Documentation of the Sunnah in the Second Hijri Century: Foundations and Trends
توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
ناشر
مكتبة الخنانجي بمصر
شماره نسخه
الأولى
ژانرها
١٨١- ويكفينا عن إيراد هذه الأدلة ما ذكره الإمام الشافعي، ولكننا نذكر هنا ما أورده السرخسي من مناقشة عقلية بعيدة عن تلك الآثار -استكمالا لصورة الدفاع، وعرضًا لجانب هام من جوانبه الذي قدمه الأحناف ولا يبعد أن يكون أصوليوهم قد نقلوه عنهم.
١٨٢- لم يهتم السرخسي إذن بإيراد الآثار التي أوردها الشافعي وعيسى ابن أبان؛ أولًا لشهرتها ... وثانيًا لأن الخصوم -كما قلنا- سيقولون: كيف يحتجون على وجوب العمل بخبر الواحد من الأخبار، وهو نفس الخلاف١؟ ولهذا فقد اتجه اتجاهًا آخر هو ما نبينه هنا:
١-قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى﴾ ٢ الآية الكريمة. وقال جل شأنه: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَه﴾ ٣، ففي هاتين الآيتين نهى كل واحد عن الكتمان، وأمر بالبيان والتبيلغ؛ لأن الحكم في الجمع المضاف إلى جماعة يتناول كل واحد منهم؛ ولأن أخذ الميثاق من أصل الدين، والخطاب للجماعة فيما هو أصل الدين يتناول كل واحد من الآحاد، وهذا يقتضي من المبلغ القبول والعمل بما جاء به المبلغ أو المخبر. "فكل واحد إنما يخاطب بما في وسعه، ولو لم يكن خبره حجة لما أمر ببيان العلم٤".
وإذا كان الفاسق يدخل في هذين النصين، فإنه مخصوص منهما بنص آخر، وهو قوله ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ ٦ ففيه أمر بالتوقف في خبر الفاسق٥.
وقال تعالى: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ
_________
١ أصول السرخسي جـ١ ص١٣٨.
٢ البقرة: ١٥٩.
٣ آل عمران: ١٨٧.
٤ أصول البزدوي جـ٢ ص٦٩١.
٥ الحجرات: ٦.
٦ أصول السرخسي ١/ ٣٢٢.
1 / 106