ولا يوصف تعالى بالملل والملال والسآمة، وكله واحد، ومعناه أن يمل شيئا ويعرض عنه، يقال: رجل ملولة وامرأة كذلك، قال الشاعر:
أقسم ما بي من جفا ولا ملل (¬1)
* مسألة [الملل في حق الله تعالى]:
فإن قال قائل: فقد روي عن النبي j أنه قال: «تكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا» (¬2) ، فقد وصفه بالملل، قيل له: إن صح الخبر فقد قال الأشعري (¬3) : فيه وجهان: أحدهما أن الله لا يغضب عليكم، ولا يقطع عنكم ثوابه حتى تتركوا العمل وتزهدوا في سؤاله، والرغبة إليه مللا، وليس بمال في الحقيقة. والوجه الثاني أن الله تعالى لا يملل إذا مللتم. ومثل هذا قولك في الكلام: هذا الفرس لا يفتر حتى يفتر الخيل، لا تريد بذلك أنه يفتر إذا فترت الخيل، ولو كان المراد هذا ما كان له فضل عليها؛ لأنه يفتر إذا فترت، والمراد بهذا لا يفتر إذا فترت. وكذلك تقول: الرجل البليغ فلان لا ينقطع حتى ينقطع خصومه، تريد لا ينقطع إذا انقطعوا، ولو أراد أنه ينقطع إذا انقطعوا لم يكن له في هذا القول فضل على غيره، ولا وجبت له بذلك مدحة .
صفحه ۸۶