268

الضياء

الضياء لسلمة العوتبي ج2 6 8 10

ژانرها

ولسنا نقول في المشيئة كما قالت القدرية، وذلك أنهم قالوا: إن المشيئة من الله تعالى في الطاعة إنما هي مشيئة أرادها من الخلق تكون على جهة البلوى وأنهم هم يختارون ما يريدون، ومفوض ذلك إليهم. قلنا لهم: أليس الله تعالى أراد وشاء أن يكون الإيمان بفعلكم، وإرادته لهذا إرادة حتم هي أم ليست بحتم؟ فإن قالوا: ليست بحتم، قل: فما هي؟ وقد ميزتم الإرادة التي هي حتم عن الإرادة التي هي البلوى؟ فقل لهم: أليس إرادة الله في هذا الهدى من الله حتما أنه إنما أراد أن يكون هذا كذا ؟ فقد رجعتم إلى أن الإرادة من الله حتم في ذلك، وإلا فأنبئونا بالمخرج لكم من ذلك، غير أنا نقول: إن لله تعالى في خلقه إرادتين ومشيئتين.

ومعنى الإرادة والمشيئة واحد، غير أنهما اسمان يتضمنهما معنى واحد: أحدهما مشيئة الأمر /118/ الذي أرسل الله به الرسل وهدى به السبل، والمشيئة الأخرى مشيئة في خلق الخلق وقسم الأرزاق، وما أراد في إنفاذ ما قد سبق عنده في علمه من الأمور، وما به الخلق عاملون، وإليه صائرون.

ولو كانت المشيئة من الله تعالى واحدة كما قالت القدرية لم يختلف على الله تعالى فيما أراده من الخلق، كما لم تختلف إرادته في خلق السماوات والأرض وغير ذلك، ولكان العباد فيما أمرهم به مطيعين كما أطاعته السماوات والأرض إذ أجابتاه.

صفحه ۲۷۲