فإن قال قائل: فتكليف من علم الله تعالى أنه يؤمن أو أنه يكفر حسن؟ قيل له: نعم، وإنما تكون الطاعة طاعة والمعصية معصية من قبل الأمر والنهي. فأما بموافقة الإرادة والمراد فلا. ولا تكون طاعة لموافقة العلم، وذلك أن الله عز وجل مكننا وكلفنا الطاعة لحسنها، ونهانا عن المعصية لقبحها. وصرف العبد منا بتلك القوة وتلك الاستطاعة إلى ما أحب واختار، لأنه مختار، كذلك (¬1) خلق وركب من غير إجبار أجبره الله تعالى على فعل من الأفعال، فهو محمود أو مذموم بما فعل مما أمر أو نهي. والله الخالق لجميع /114/ ما يحدث من فعله في حاله وفعله؛ لأنا إذا نفينا الخلق عن فعله أحلنا في ذلك، وخالفنا الحق، وأثبتنا الخلق، ونفينا الإرادة لخلق ما علم أنه خالقه في حاله؛ لأنه إذا أثبتنا أنه خالق لما يريد خلقه فقد جعلناه مكرها على خلق الخلق، فليس إلا أن نثبته مريدا لخلق ما علم أنه خالقه في حاله أو غير مريد ولا خالق، فقد بينا فساد ذلك.
وأيضا لو خلق ما لا يريد خلقه أو حدوثه كان فاعلا وعابثا، تعالى الله عن ذلك. لو حدث في خلقه شيء لم يخلقه لجاز لطاعن أن يطعن فقال: لا يجوز أن يقال: لا خالق إلا الله، فتعالى الله علوا كبيرا. وإنما الخلق مدح لله، والله تعالى إنما أراد أن يطيعه (¬2) عباده طوعا لا كرها، ولو أراد غير ذلك وإن كان لم يفعله فهو قادر عليه.
* مسألة [هل يريد الله الكفر؟]:
صفحه ۲۶۵