مهزول. وقالوا أمدح بيت قالته العرب قول النابغة الجعدي:
(فتى تمَّ فيه ما يسرُّ صديقَه
(على أنّ فيه ما يسوء الأعاديا)
(وهذا غاية المدح لأن الرجل إذا قدر على النفع والضر فقد كمل، ولهذا قيل في البرامكة:
(عندَ الملوكِ مضرةٌ ومنافع ... وأرى البرامكَ لا تضرُ وتنفعُ)
لا يعرف أهجاهم أم مدحهم لأنه إذا نفى عنهم أن يضروا وافقد قصرهم، وقد قيل:
(إذا أنت لم تنفع فضر فإنما ... يُراد الفتى كما يضرُّ وينفعُ)
وقد تداول الناس معنى النابغة فقال بعضهم وهو من أحسن ما يروى عنه:
(متى تهزز بني قطن تجدهم ... سيوفًا في عواتقهم سيوفُ)
(جلوسٌ في مجالسهم رزانٌ ... وإن ضيفٌ ألمَّ فهم وقوفُ)
(إذا نزلوا حسبتهم بدورًا ... وإن ركبوا فإنهمُ حتوفُ)
وقال آخر:
(فذللَ أعناق الصعاب ببأسه ... وأعناق طلاب الندىَ بالفواضلِ)
(فما انقبضت كفاهُ إلَّا بصارم ... ولا انبسطت كفاه إلَّا بنائلِ)
وقال محمد بن بشر الأزدي:
(فتًى وقفَ الأيامَ بالعتب والرضا ... على بذلِ مال أو على حدَ منصلِ)
(وما إن له من نظرةٍ ليس تحتها ... غمامةُ غيث أو ضبابةُ قسطل)
وقال آخر:
(فتًى دهرُه شطرانِ فيما ينوبه ... ففي بأسه شطرٌ وفي جوده شطرُ)
(فلا من بغاة الخير في عينه قذى ... ولا من زئير الأسد في أذنه وقرُ)
وقد أحسن البحتري في هذا المعنى وهو قوله:
(هو العارضُ الثجاجُ أخضلّ جودهُ ... وطارتْ حواشي برقِه فتلّهبا)
(إذا ما تلظّى في وغىً أصعقَ العِدى ... وإن فاض في أُكرومَةٍ غمر الرُّبا)
(رزينٌ إذا ما القومُ خفت حلومُهم ... وَقُورٌ إذا ما حادِثُ الدهرِ أجْلبا)
1 / 34