البحر : طويل
تذكر أنسا ، من بثينة ، ذا القلب
وبثنة ذكراها لذي شجن ، نصب
وحنت قلوصي ، فاستمعت لسجرها
برملة لد ، وهي مثنية تحبو
أكذبت طرفي ، أم رأيت بذي الغضا
لبثنة ، نارا ، فارفعوا أيها الركب
إلى ضوء نار ما تبوخ ، كأنها ،
من البعد والإقواء ، جيب له نقب
ألا أيها النوام ، ويحكم ، هبوا !
أسائلكم : هل يقتل الرجل الحب ؟
ألا رب ركب قد وقفت مطيهم
عليك ، ولولا أنت ، لم يقف الركب
لها النظرة الأولى عليهم ، وبسطة ،
وإن كرت الأبصار ، كان لها العقب
صفحه ۱
البحر : وافر تام
أشاقك عالج ، فإلى الكثيب ،
إلى الدارات من هضب القليب
إذا حلت بمصر ، وحل أهلي
بيثرب ، بين آطام ولوب
مجاورة بمسكنها نحيبا ،
وما هي حين تسأل من مجيب
وأهوى الأرض عندي حيث حلت
بجدب في المنازل ، أو خصيب
صفحه ۲
البحر : طويل
من الحفرات البيضش أخلص لونها
تلاحي عدوا لم يجد ما يعيبها
فما مزنة بين السماكين أومضت
من النور ، ثم استعرضتها جنوبها
بأحسن منها ، يوم قالت ، وعندنا ،
من الناس ، أوباش يخاف شغوبها :
تعاييت ، فاستغنيت عنا بغيرنا
إلى يوم يلقى كل نفس حبيبها
صفحه ۳
البحر : طويل
بثينة قالت : يا جميل أربتني ،
فقلت : كلانا ، يا بثين ، مريب
وأريبنا من لا يؤدي أمانة ،
ولا يحفظ الأسرار حين يغيب
بعيد عل من ليس يطلب حاجة
وأما على ذي حاجة فقريب
صفحه ۴
البحر : طويل
رد الماء ما جاءت بصفو ذنائبه
ودعه إذا خيضت بطرق مشاربه
أعاتب من يحلو لدي عتابه ،
وأترك من لا أشتهي ، وأجانبه
ومن لذة الدنيا ، وإن كنت ظالما ،
عناقك مظلوما ، وأنت تعاتبه
صفحه ۵
البحر : طويل
ألا قد أرى ، إلا بثينة ، للقلب
بوادي بدي ، لا بحسمى ولا شغب
ولا ببراق قد تيممت ، فاعترف
لما أنت لاق ، أو تنكب عن الركب
أفي كل يوم أنت محدث صبوة
تموت لها ، بدلت غيرك من قلب
صفحه ۶
البحر : كامل تام
إن المنازل هيجت أطرابي
واستعجمت آياتها بجوابي
قفرا تلوح بذي اللجين ، كأنها
أنضاء رسم ، أو سطور كتاب
لما وقفت بها القلوص ، تبادرت
مني الدموع ، لفرقة الأحباب
وذكرت عصرا ، يا بثينة ، شاقني
وذكرت أيامي ، وشرخ شبابي
صفحه ۷
البحر : خفيف تام
ارحميني ، فقد بليت ، فحسبي
بعض ذا الداء ، يا بثينة ، حسبي !
لامني فيك ، يا بثينة ، صحبي ،
لا تلوموا ، قد أقرح الحب قلبي !
زعم الناس أن دائي طبي ،
أنت ، والله ، يا بثينة ، طبي !
صفحه ۸
البحر : وافر تام
بثغر قد سقين المسك منه
مساويك البشام ، ومن غروب
ومن مجرى غوارب أقحوان ،
شتيت النبت ، في عام خصيب
صفحه ۹
البحر : وافر تام
وقالوا : يا جميل ، أتى أخوها ،
فقلت : أتى الحبيب أخو الحبيب
أحبك أن نزلت جبال حسمى ،
وأن ناسبت بثنة من قريب
صفحه ۱۰
البحر : طويل
أمنك سرى ، يا بثن ، طيف تأوبا ،
هدوا ، فهاج القلب شوقا ، وأنصبا ؟
عجبت له أن زار في النوم مضجعي
ولو زارني مستيقظا ، كان أعجبا
صفحه ۱۱
البحر : طويل
وأول ما قاد المودة بيننا ،
بوادي بغيض ، يا بثين ، سباب
وقلنا لها قولا ، فجاءت بمثله ،
لكل كلام ، يا بثين ، جواب
صفحه ۱۲
البحر : وافر تام
وما بكت النساء على قتيل ،
بأشرف من قتيل الغانياتش
فلما مات من طرب وسكر ،
رددن حياته بالمسمعات !
فقام يجر عطفيه خمارا ،
وكان قريب عهد بالممات
صفحه ۱۳
البحر : طويل
حلفت لها بالبدن تدمى نحورها :
لقد شقيت نفسي بكم ، وعنيت
حلفت يمينا ، يا بثينة ، صادقا ،
فإن كنت فيها كاذبا ، فعميت !
إذا كان جلد غير جلدك مسني ،
وباشرني ، دون الشعار ، شريت !
ولو أن داع منك يدعو جنازتي ،
وكنت على أيدي الرجال ، حييت !
صفحه ۱۴
البحر : طويل
حلفت ، لكيما تعلميني صادقا ،
وللصدق خير في الأمر وأنجح
لتكليم يوم من بثينة واحد
ألذ من الدنيا ، لدي وأملح
من الدهر لو أخلو بكن ، وإنما
أعالج قلبا طامحا ، حيث يطمح
ترى البزل يكرهن الرياح إذا جرت
وبثنة ، إن هبت بها الريح تفرح
بذي أشر ، كالأقحوان ، يزينه
ندى الطل ، إلا أنه هو أملح
صفحه ۱۵
البحر : وافر تام
تنادى آل بثنة بالرواح
وقد تركوا فؤادك غير صاح
فيا لك منظرا ، ومسير ركب
شجاني حين أبعد في الفياح
ويا لك خلة ظفرت بعقلي
كما ظفر المقامر بالقداح
أريد صلاحها ، وتريد قتلي ،
وشتى بين قتلي والصلاح !
لعمر أبيك ، لا تجدين عهدي
كعهدك ، في المودة والسماح
ولو أرسلت تستهدين نفسي ،
أتاك بها رسولك في سراح
صفحه ۱۶
البحر : طويل
لقد ذرفت عيني وطال سفوحها ،
وأصبح ، من نفسي سقيما ، صحيحها
ألا ليتنا نحيا جميعا ، وإن نمت ،
يجاور ، في الموتى ، ضريحي ضريحها
فما أنا ، في طول الحياة ، براغب
إذا قيل قد سوي عليها صفيحها
أظل ، نهاري ، مستهاما ، ويلتقي ،
مع الليل ، روحي ، في المنام ، وروحها
فهل لي ، في كتمان حبي ، راحة ،
وهل تنفعني بوحة لو أبوحها !
صفحه ۱۷
البحر : طويل
رمى الله ، في عيني بثينة ، بالقذى
وفي الغر من أنيابها ، بالقوادح
رمتني بسهم ، ريشه الكحل ، لم يضر
ظواهر جلدي ، فهو في القلب جارحي
ألا ليتني ، قبل الذي قلت ، شيب لي ،
من المذعف القاضي سمام الذرارح
قمت ، ولم تعلم علي خيان ة
ألا رب باغي الربح ليس برابح
فلا تحملها ، واجعليها جناية
تروحت منها في مياحة مائح
أبوء بذنبي ، انني قد ظلمتها ،
وإني بباقي سرها غير بائح
صفحه ۱۸
البحر : طويل
ألا يا غراب البين ، فيم تصيح
فصوتك مشي إلي ، قبيح
وكل غداة ، لا أبا لك ، تنتحي
إلي فتلقاني وأنت مشيح
تحدثني أن لست لاقي نعم ة
بعدت ، ولا أمسى لديك نيح
فإن لم تهجني ، ذات يوم فإنه
سيكفيك ورقاء السراة ، صدوح
صفحه ۱۹
البحر : طويل
هل الحاتم العطشان مسقى بشربة
من المزن ، تروي ما به ، فتريح ؟
فقالت : فنخشى ، إن سقيناك شربة
تخبر أعدائي بها ، فتبوح
إذن ، فأباحتني المنايا ، وقادني
إلى أجلي ، عضب السلاح ، سفوح
لبئس ، إذن ، مأوى الكريمة سرها ،
وإني ، إذن ، من حبكم ، لصحيح
صفحه ۲۰