جمال ! فكل طريق فم ... يحيي وأيد تبث الزهر
ترامت إليه القرى والكهوف ... تولي جموع وتأتي زمر
وهزت إليه حشود الحسان ... مناديل من ضحكات القمر
ولاقته "صنعاء " لقيا الصغار ... أبا عاد تحت لواء الظفر
تلامسه ببنان اليقين ... وتغمس فيه ارتياب البصر
وتهمس في ضخب البشريات ... أهذا هو القائد المنتظر ؟
أرى خلف بسمته " خالدا " ... وألمح في وجنتيه " عمر "
وتدنو إليه تناغي المنى ... وتشتم في ناظريه الفكر
***
أهذا الذي وسعت نفسه ... هوى قومه وهموم البشر ؟
أطل فأومى انتظار الحقول ... وماج الحصى وارأب الحجر
وهنأت الربوة المنحنى ... وبشرت النسمة المنحدر
وأخبر " صرواح " عنه الجبال ... فأورق في كل نجم خبر
وأشرق في كل صخر مصيف ... يعنقد في كل جو ثمر
***
وأعلنت زنود الربى وحده ... سماوية الأم طهر الأب
نمتها المروءات في " مأرب " ... وأرضعها الوحي في " يثرب "
وغنى على صدرها شاعر ... وصلى على منكبيها نبي
ورددها الشرق أغرودة ... فعب صداها فم المغرب
***
ودارت بها الشمس من موسم ... سخي إلى موسم أطيب
إلى أن غرتها سيول التتار ... ورنحها العاصف الأجنبي
تهاوت وراء ضجيج الفراغ ... تفتش عن أهلها الغيب
وتبحث عن دارها في الطيوف ... وتستنبيء الليل عن كوكب
وتحلم أجفانها بالكرى ... فتخفق كالطائر المتعب
هناك جثث في اشتياق المعاد ... تحدق كالموثق المغضب
فتلحظ خلف امتداد السنين ... على زرقة " النيل " وعدا صبي
تمر عليه خيالات " مصر " ... مرور الغواني على الأعزب
رأت فمه برعما لا يبوح ... ونسيان في قلبه مختبي
وكان انتظارا فحنت إليه ... حنين الوليد إلى المرضعة
ودارت نجوم وعادت نجوم ... وأهدابها ترتجي مطلعة
وكانت تواعدها الأمسيات ... كما تعد البيدر المزرعة
ولاقته يوما وكان اسمه ... " جمالا " فلاقت صباها معه
***
هنا لاقت الوحدة ابنا يسير ... فتمشي الدنا خلفه طيعه ومهدا صبورا سقاها النضال ... فأهدت إلى المعتدي مصرعة
صفحه ۱۱۰