285

دیوان ابن نباته المصری

ديوان ابن نباتة المصري

ناشر

دار إحياء التراث العربي

شماره نسخه

بدون

محل انتشار

بيروت - لبنان

تألَّق فيها كالكواكب لفظها ... فلم تشكُ عينٌ في دُجى النفس مخبطا
ولا عيبَ فيه إن تأمَّلت خلقه ... سوى أنه يطغي الخليقة بالعطا
على مثله فليعقد المرءُ خنصرًا ... لإنا رأيناه لدى الجود مفرطا
نوالٌ تلظى الغيث بالبرق حرقةً ... لتقصيره عنه وبالرَّعد عيَّطا
وبشرٌ لدى العافين أحلى من المنى ... ورأيٌ إلى العلياء أهدى من القطا
من القومِ فاتوا الناس سبقًا إلى العلى ... ألم ترهم أندى أكفًّا وأبسطا
كأنَّ لهم فيها طريقًا مفسرًا ... وعندهم فيها طريقًا مخبَّطا
إذا ابْتدروا غايات لفظٍ رأيتهم ... من الروض أنشى أو من الريح أنشطا
مطاعين في الهيجا مطاعين في الورى ... قريبين من رشدٍ بعيدين من خطا
كأنهمُ في السلم زهرٌ وفي الوغى ... قتادة تأبى أن تلين فتحبطا
أبى الله إلاَّ أن يذلَّ حسودهم ... ويرضون في كلّ الأمور ويسخطا
إليكَ شهابَ الدين جدت ركائبٌ ... كأنَّ لها في تربِ أرضك مسقطا
فداكَ بخيلٌ لا يسود وإنما ... قصاراه أن يخشى افتقارًا ويقنطا
تهتك لمَّا ضنَّ بالمال عرضهُ ... ألا إنَّ جودَ المرء للعرض كالغطا
وما أنت إلاَّ البحر في كلّ حالةٍ ... نوالًا وعلمًا ما أبرّ وأقسطا
تجاوزت في الإنعام كعبًا وحاتمًا ... وطاولت في الإرغام عمرًا وأحبطا
وفقهتهمُ إن كنت حقًّا مصححًا ... وكانوا حديثًا في الأنام مغلّطا
وطالَ كما تختارُ قدرُكَ في الورى ... لأبعدَ من شأوِ النجوم وأشحطا
كأنَّ ثريا الأفق كفٌّ تطاولت ... لتلقي له فرش الغمام وتبسطا
إذا حاق خطبٌ أو تطلَّع حادثٌ ... سلكت من الأقلام عضبًا مسلَّطا
يراع يربَى في سيول دوافق ... وأغيال أسدٍ لا تفرّ تحمطا
فمن أجل هذا سرّ عافيه في الندى ... ومن أجل هذا ساء شانيه بالسطا
لك الله من حرٍّ يرى ليَ برّهُ ... وقد مدَّ لي دهرِي الهموم ومطَّطا
وشيد لي بالذكرِ قدرًا ورفعةً ... بعيد عليها أن تحول وتكشطا
فخذْ مدَحًا تنشي لك الروض يانعًا ... إذا شئت أو تبدِي لك الوصف أرقطا

1 / 285