254

کتاب الدرایه وکنز الغنایه ومنتهی الغایه وبلوغ الکفایه در تفسیر پانصد آیه

كتاب الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية

ژانرها

وقد علمت أن أناسا من الناس يرون أن الشكر أن يقال : الحمد لله على ما رزقنا ، وأنعم علينا ، ويعلم أنه من الله ، وإن ذلك لحسن ، ولكنا نجد اليهود والنصارى يقولون : الحمد لله على ما رزقنا ، ويعلمون أنه من الله ، وهم في ذلك كفار لأنعم الله

وذلك إنكار النعمة بعد معرفتها ، وقد علم أنه من الله ، ثم كان إنكاره في نعمة الله اجتراء على معصيته ، وإصراره عليها ، ولكن حقيقة الشكر أن تجتنب سخط من أنعم عليك ، وتتبع مرضاته ، شكرا لما أنعم الله عليك ، فذلك الشكر الذي يجزي الله به ثواب الشاكرين . فاجتنب الخطايا ، واعلم أن الصالحين فيها رجلان :

رجل : لم يعمل المعصية تحرجا ، وفي نسخة : رجل يتقيها حرجا ، فيتركها من خشية الله ، ونهى النفس عن الهوى ، فإن الجنة هي المأوى ، والآخر : أبغض المعصية لله بغضا ويتركها .

وأحدهما أفضل من الآخر ، فالذي امتحن الله قلبه حتى أبغض ما نهى الله عنه ثم اجتنبه ، أفضل ممن يحبه ثم يتركه .

ذلك أن حب الخطيئة خالط قلبه ، وحب الخطيئة مرض يكون في القلب ، وأن الآخر لم يخالط له قلبا ، ولا عملا من جميع الذنوب ، وكلاهما محسن ، ولكن يتفاضل من امتحن الله قلبه ، من حب طاعته وذكر الله كثيرا ، واستكثر من الدعاء ، ثم عمل بها ، فهو أفضل من الآخر ، والآخر إنما يكره نفسه عليها إكراها .

ولو كان لك خادمان هما كذلك ، كان أحبهما إليك الذي يحب طاعتك وعملك بقلبه .

ورأيت الذي يحب غير عملك هو أشهى إليه من عملك ، وأحب إليه منه إنما ذلك من سره في صدره .

والمؤمنون كذلك وصفهم الله فقال :

( رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) يعني : الخشوع .

( ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الأنجيل ) .

/

صفحه ۲۶۴