بسم الله الرحمن الرحيم
صفحه ۳
المقدمة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين.
كنت - ولا أزال - أرغب أن تطبع هذه البحوث " الزواج الموقت عند الصحابة والتابعين "، " صلاة التراويح بين السنة والبدعة "، " الإرسال والتكفير بين السنة والبدعة، كل على حده، إذ كلما قل حجم الكتاب - في هذه الأزمان - كلما كثر الإقبال عليه.
غير أن مكتب الأعلام الاسلامي - الموقر - اقترح علي أن أجعلها في مجموعة واحدة - دفعا للتشتت وإتماما للفائدة..
فنزلت عند رغبتهم.
فهذه هي ثلاث رسائل من المسائل الفقهية الخلافية بين أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، والمذاهب الأخرى - وهي دراسة تحقيقية واستدلالية - بعيدة عن أي تعصب وعناد.
توخينا فيها تلمس الحقيقة وإظهارها كما هي.
ثم - تليها - إن شاء الله تعالى - رسالتان: إحداهما في " تشريع الأذان وفصوله "، والأخرى " صوم عاشوراء بين السنة والبدعة ".
نسأل الله عز وجل أن ينفع المؤمنين بما فيها ويوفقنا جميعا لما يحب ويرضى.
نجم الدين الطبسي قم المقدسة - ذي القعدة / 1421
صفحه ۷
القسم الأول:
الزواج الموقت عند الصحابة والتابعين دراسة تتناول من تمتع أو كان رأيه الفقهي جواز التمتع من الصحابة والتابعين والفقهاء والمحدثين الذين لهم المكانة عند السنة
صفحه ۹
1 - عمر بن الخطاب: " متعتان كانتا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما: متعة النساء ومتعة الحج ".
كنز العمال 16 / 519، التفسير الكبير 10 / 52 2 - عمران بن سوادة مخاطبا عمر بن الخطاب: " عابت أمتك منك أربعا... ذكروا أنك حرمت متعة النساء وقد كانت رخصة من الله نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث ".
تاريخ الطبري 2 / 579، حوادث سنة 23 3 - الذهبي: " ابن جريج هو أحد الأعلام الثقات وهو في نفسه مجمع على ثقته، مع كونه قد تزوج نحوا من سبعين امرأة نكاح متعة ".
ميزان الاعتدال 2 / 659
صفحه ۱۰
المقدمة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد بن عبد الله وأهل بيته الطاهرين.
إن موضوع الزواج الموقت - المتعة - من الأمور التي أخذت حجما كبيرا في المسائل الخلافية بين المسلمين فهم بين مثبت له عن دليل، ومنكر له رغم تظافر النصوص الصحيحة التي تنص على الإباحة والجواز وأن الصحابة كانت ثابتة على جوازها بعد وفاة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) إلى عصر الخلفاء وما بعدهم - كما سيأتي.
وقد صنف في هذا الحقل عشرات من الكتب، ونشرت مئات المقالات (1) كلها تؤكد على استمرارية الجواز وعدم النسخ.
ولأجل عدم التكرار لما ألف وأنجز - شكر الله مساعي المؤلفين الجميلة - أحببت أن أتناول جانبا خاصا من الموضوع، وأعرض القضية بأسلوب جديد.
فرأيت أن أسرد قائمة بأسماء من تمتع من الصحابة والتابعين والمحدثين في عصر الخلفاء وما بعدهم، أو من كان رأيه الفقهي هو الجواز والحلية.
وبعد التتبع عثرت على عشرات الأسماء من كبار الصحابة والتابعين... فجمعت النصوص الدالة على ذلك، مع الإشارة إلى مكانتهم العلمية وموقعهم الاجتماعي،
صفحه ۱۱
وأبحاث أخرى ترتبط بالموضوع.
فالكتاب يحتوي على فصول ثلاثة:
الفصل الأول: في الصحابة الذين كانوا يرون حلية المتعة بل كانوا يعملون بها.
الفصل الثاني: في التابعين والفقهاء الذين ثبتوا على حلية المتعة، بل بعضهم لم يتزوج إلا المتعة.
الفصل الثالث: تساؤلات ومناقشات ترتبط بشأن النسخ، وروايات مفادها النهي عن المتعة وأبحاث أخرى يقف عليها القارئ حين المطالعة. وما توفيقي إلا بالله.
نجم الدين الطبسي قم المقدسة - 30 / ربيع الثاني / 1421
صفحه ۱۲
الفصل الأول:
الصحابة تعريف المتعة - الزواج الموقت:
قبل أن نذكر أسماء الصحابة القائلين بالمتعة والثابتين عليها ينبغي الإشارة إلى تعريف المتعة أو الزواج الموقت فنقول:
هو تقييد الزواج والنكاح الموقت بوقت معين ومهر معلوم.
1 - قال ابن البراج: " فهو نكاح ينعقد بأجل معين ومهر معلوم " (1).
2 - وقال ابن قدامة: " معنى نكاح المتعة أن يتزوج المرأة مدة، مثل أن يقول:
زوجتك ابنتي شهرا، أو سنة، أو إلى انقضاء الموسم، أو قدوم الحاج، سواء كانت المدة معلومة أو مجهولة " (2).
أقول: مع مجهولية المدة تبطل المتعة ومع عدم ذكر المدة والأجل انعقد دائما (3).
3 - وقال في النظم المستعذب: " المتعة: أصله من المتاع، وهو ما يتبلغ به إلى حين، والتمتع أيضا الانتفاع بالشئ، كأنه ينتفع صاحبه، ويتبلغ بنكاحها إلى
صفحه ۱۳
الوقت الذي وقته " (1).
الزواج الموقت عند الصحابة:
لقد ثبت تأريخيا ومن خلال نصوص معتبرة، وتصريحات لفقهاء العامة، بأن ثلة من الصحابة كانوا يرون نكاح المتعة حتى بعد وفاة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، أي أيام خلافة الخلفاء، وما بعدها طيلة حياته، وكان رأيهم الفقهي على الجواز والإباحة.
وفيما يلي نذكر أسماء بعضهم، وما يدل على التزامهم بالمتعة وموقعهم الاجتماعي والعلمي.
1 - عمران بن الحصين الخزاعي، ت 52 ه أ. البخاري: " عن عمران - رض - قال: نزلت أية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله ولم ينزل قرآن يحرمه، ولم ينه عنها حتى مات. قال رجل برأيه ما شاء... " (2).
قال العسقلاني: " إن الرجل المقصود هنا هو الخليفة عمر بن الخطاب " (3).
ب. أخرج أحمد إمام الحنابلة في مسنده بإسناد رجاله كلهم ثقات، عن عمران ابن حصين، قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى، وعملنا بها مع رسول الله، فلم تنزل آية تنسخها، ولم ينه عنها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى مات " (4).
ج. قال الهاشمي: " فيمن كان يرى المتعة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عمران بن
صفحه ۱۴
حصين الخزاعي " (1).
د. الرازي: " أما عمران بن الحصين فإنه قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى، ولم ينزل بعدها آية تنسخها، وأمرنا بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتمتعنا بها، ومات ولم ينهنا عنه، ثم قال رجل برأيه ما شاء " (2).
أقول: مقصوده بالرجل: عمر بن الخطاب. كما قاله الرازي.
ه. القرطبي: " لم يرخص في نكاح المتعة إلا عمران بن الحصين وبعض الصحابة... " (3).
التعريف بعمران:
1 - قال الجزري: " أسلم عام خيبر، وغزا مع رسول الله غزوات، بعثه عمر بن الخطاب إلى البصرة ليفقه أهلها، وكان من فضلاء الصحابة، واستقضاه عبد الله بن عامر على البصرة فأقام قاضيا يسيرا، ثم استعفى فأعفاه.
قال محمد بن سيرين: لم نر في البصرة أحدا من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يفضل على عمران بن حصين، وكان مجاب الدعوة " (4).
2 - وقال الذهبي: " هو القدوة الإمام، صاحب رسول الله، أسلم سنة سبع، وله عدة أحاديث، روى له أرباب الصحاح الستة، واتفق الشيخان له على تسعة أحاديث، وانفرد البخاري بأربعة أحاديث ومسلم بتسعة، ومسنده مائة وثمانون حديثا " (5).
صفحه ۱۵
أقول: والجدير بالذكر أن عمران أسلم عام خيبر، وهو العام الذي ادعى القوم تحريمها فيه!!!
2 - أبو سعيد الخدري، ت 74 ه أ. قال ابن حزم: " فيمن ثبت على تحليل المتعة، أبو سعيد الخدري " (1).
ب. عن أبي سعيد الخدري وجابر، قالا: تمتعنا إلى نصف من خلافة عمر حتى نهى عمر الناس عنها في شأن عمرو بن حريث " (2).
التعريف بأبي سعيد الخدري:
قال الذهبي: " هو الإمام المجاهد، مفتي المدينة.. شهد الخندق وبيعة الرضوان، حدث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأكثر وأطاب، وكان أحد الفقهاء المجتهدين...
قيل إنه لم يكن أحد من أحداث أصحاب رسول الله أعلم من أبي سعيد!
روى عنه الصحاح الستة، ومسنده ألف ومائة وسبعون حديثا، ففي البخاري ومسلم ثلاثة وأربعون، وانفرد البخاري بستة عشر حديثا، ومسلم باثنين وخمسين " (3).
فهذا الصحابي الذي تصدر منصب الإفتاء تراه يصرح بالتزامه العملي بالنكاح الموقت، وأن عمر هو الذي نهى عنه، لا أنه استند في ذلك إلى النسخ أو نهي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). وعندنا فقد عده المامقاني من الثقات - تنقيح المقال 2: 11.
3 - جابر بن عبد الله الأنصاري، ت 78 ه أ. مسلم: " حدثني محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج،
صفحه ۱۶
أخبرني أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله وأبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث " (1).
ب. وعنه: " حدثنا الحسن الحلواني، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، قال: قال عطاء: قدم جابر بن عبد الله معتمرا فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة، فقال: نعم، استمتعناه على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر " (2).
ج. الطبري: " عن جابر، قال: كانوا يتمتعون من النساء حتى نهاهم عمر بن الخطاب " (3).
التعريف بجابر بن عبد الله:
قال الذهبي: " هو الإمام الكبير، المجتهد الحافظ، صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، الفقيه، من أهل بيعة الرضوان، روى علما كثيرا من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان مفتي المدينة في زمانه، وقد بلغ مسنده ألفا وخمسمائة وأربعين حديثا.
اتفق له الشيخان على ثمانية وخمسين حديثا وانفرد له البخاري بستة وعشرين حديثا، ومسلم بمائة وستة وعشرين حديثا " (4).
أقول: إن من كان مفتي المدينة، ومن كبار الفقهاء، وراوية علم كثير عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، هل يخفى عليه تحريم المتعة ونسخها!!؟ فتراه يداوم الزواج الموقت إلى حين نهى عمر عنه.
والجدير بالذكر، أن جابر يقول: " كنا نستمتع " - بصيغة الجمع - مما يدل على أنه كان سائغا شائعا معروفا بين الصحابة إلى عهد الخليفة عمر.
صفحه ۱۷
4 - زيد بن ثابت الأنصاري، ت 55 ه قال الهاشمي: " فيمن كان يرى المتعة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) زيد بن ثابت الأنصاري " (1).
التعريف بزيد بن ثابت:
قال الذهبي: " هو الإمام الكبير، شيخ المقرئين، مفتي المدينة، كاتب الوحي، وجامع القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
عن ابن عمر: إن زيد بن ثابت كان عالم الناس في خلافة عمر وحبرها.
وعن سليمان بن يسار: ما كان عمر وعثمان يقدمان على زيد أحدا في الفرائض والفتوى والقراءة والقضاء.
قال مالك: كان إمام الناس عندنا بعد عمر زيد بن ثابت.
وعن ابن عباس: لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أن زيد بن ثابت من الراسخين في العلم. وعن أبي هريرة: إنه حبر الأمة " (2).
إذن: يقول بحلية المتعة من هو عالم الناس وحبرها، ومن هو مقدم على الناس في الفتوى والقراءة و...، ومن هو من الراسخين في العلم، ولم يعتن ولا يعترف بنهي عمر بن الخطاب، ولا يراه حاكيا عن النسخ وتحريم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فتأمل.
أما عندنا: قال المامقاني: وفي كونه عثمانيا كفاية في بيان حاله، أقول: أشار بذلك إلى قول ابن الأثير: كان عثمانيا، ولم يشهد مع علي (عليه السلام) شيئا من حروبه.
وعن الباقر (عليه السلام): أشهد على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية وأما نسبة جمعه للقران فقد أجاب السيد الخوئي عنه بالتفصيل (3).
صفحه ۱۸
5 - عبد الله بن مسعود، ت 32 ه أ. قال ابن حزم: " وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جماعة من السلف، منهم من الصحابة... ابن مسعود " (1).
ب. روى المفيد عن المحبر " إن ابن مسعود، كان يقول بالمتعة " (2).
التعريف بابن مسعود:
قال الذهبي: " الإمام الحبر، فقيه الأمة، كان من السابقين الأولين، ومن النجباء العالمين، شهد بدرا، وهاجر الهجرتين، وكان يوم اليرموك على النفل، ومناقبه غزيرة، روى علما كثيرا.
وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه: إنك غليم متعلم، وهو أحد الأربعة الذين ثبتوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم أحد.
وقال أبو مسعود الأنصاري: والله ما أعلم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك أحدا أعلم بكتاب الله من هذا القائم - ابن مسعود -.
وسئل علي (عليه السلام) عن ابن مسعود، فقال: قرأ القرآن، ثم وقف عنده، وكفى به، وعلم السنة.
اتفقا في الصحيحين على أربعة وستين، وانفرد له البخاري بإخراج أحد وعشرين حديثا، ومسلم بإخراج خمسة وثلاثين حديثا، وله عند بقي بالمكرر ثماني وأربعون حديثا " (3).
وأما عندنا: فقد والى القوم ومال معهم ولم يتبع عليا (عليه السلام) (4).
إذن، ثبت على تحليل المتعة من اعترفوا له بأنه عالم الأمة وفقيهها، والعالم بكتاب الله.
صفحه ۱۹
6 - سلمة بن الأكوع، ت 74 ه قال الهاشمي: " فيمن كان يرى المتعة من أصحاب النبي، سلمة بن الأكوع الأسلمي " (1).
التعريف بابن الأكوع:
قال الذهبي: " قيل: إنه شهد مؤتة (شهيد مؤتة)، وهو من أهل بيعة الرضوان.
يقول: بايعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الموت، وغزوت معه سبع غزوات.
ويقول أيضا: أردفني رسول الله مرارا، ومسح على وجهي مرارا، واستغفر لي مرارا، عدد ما في يدي من الأصابع.
عن زياد بن ميناء : كان ابن عباس و... وسلمة بن الأكوع مع أشباه لهم يفتون بالمدينة، ويحدثون من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا.. روى عنه الصحاح الستة، وحديثه من عوالي صحيح البخاري " (2).
والملاحظ إن ابن الأكوع كان يفتي بالمدينة ويحدث بعد وفاة عثمان وذلك هو بداية رفع الضغط عمن يروي حديث رسول الله، فهذا المحدث والمفتي يرى جواز المتعة ولا يرى أهمية لنهي الخليفة، لأنه صادر عن اجتهاد ورأي.
واما عندنا: فعن المامقاني 2 / 48: ظاهره كونه إماميا ويكون ما ذكر مدحا مدرجا له في الحسان.
7 - علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ت 40 ه أ. قال الهاشمي: " كان يقول بالمتعة من الصحابة... والصحيح علي بن أبي طالب (عليه السلام) " (3).
صفحه ۲۰
ب. الرازي: " روى الطبري عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: لولا أن عمر نهى الناس عن المتعة ما زنى إلا شقي " (1).
ج. وقال أيضا: " لو كان الناسخ موجودا لكان ذلك الناسخ إما أن يكون معلوما بالتواتر أو بالآحاد، فإن كان معلوما بالتواتر كان علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وعمران بن الحصين، منكرين لما عرف ثبوته بالتواتر من دين محمد، وذلك يوجب تكفيرهم، وهو باطل قطعا " (2).
وهذا الكلام منه صريح في أن عليا (عليه السلام) كان يرى حل المتعة.
وروى الحر العاملي عن المفيد: أن عليا نكح امرأة بالكوفة من بني نهشل متعة (3).
وهذا النكاح وقع أيام خلافته بالكوفة.
التعريف بعلي بن أبي طالب (عليه السلام):
ما أقول فيمن هو باب مدينة الحكمة والعلم، ومن هو مع القرآن والقرآن معه، ومن هو مع الحق والحق معه، ومن هو لولاه لهلك الخلفاء، بل لولاه لما قام للدين قائمة؟
ما أقول فيمن قال فيه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم): " من أحب أن ينظر إلى آدم في خلقه وإلى إبراهيم في خلته، وإلى موسى في مناجاته، وإلى يحيى في زهده، وإلى عيسى في سمته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب " (4).
ما أقول فيمن قال الرسول الأعظم في شأنه: " إن الأرض لا يخلو مني ما دام علي حيا، في الدنيا، بقية من بعدي، علي في الدنيا عوض مني بعدي، علي كجلدي، علي كلحمي، علي عظمي، علي كدمي، علي عروقي، علي أخي ووصيي في أهلي وخليفتي في قومي ومنجز عداتي وقاضي ديني، قد صحبني علي في ملمات
صفحه ۲۱
أمري، وقاتل معي أحزاب الكفار، وشاهدني في الوحي وأكل معي طعام الأبرار، وصافحه جبرئيل مرارا نهارا جهارا، وقبل جبرئيل (عليه السلام) خد علي اليسار وشهد جبرئيل وأشهدني أن عليا من الطيبين الأخيار، وأنا أشهدكم معاشر الناس لا تتسائلون من علم أمركم ما دام علي فيكم.. " (1).
8 - عمرو بن حريث، ت 85 ه إن هذا الصحابي ممن ثبت أنه استمتع في خلافة عمر بن الخطاب بشهادة جابر بن عبد الله الأنصاري كما نقل ذلك عبد الرزاق في مصنفه والطبري في تفسيره.
أ. ابن حزم: " وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله جماعة من السلف، منهم من الصحابة عمرو بن حريث " (2).
ب. عبد الرزاق، عن ابن جريح، عن عطاء، قال: لأول من سمعت منه المتعة، صفوان بن يعلى، فأنكرت ذلك عليه، فدخلنا على ابن عباس، فذكر له بعضنا، فقال له: نعم.
فلم يقر في نفسي، حتى قدم جابر بن عبد الله، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثم ذكروا له المتعة، فقال: نعم، استمتعنا على عهد رسول الله، وأبي بكر وعمر، حتى إذا كان في آخر خلافة عمر استمتع عمرو بن حريث بامرأة - سماها جابر فنسيتها -، فحملت المرأة، فبلغ ذلك عمر، فدعاها فسألها، فقالت: نعم.
قال: من أشهد؟ قال عطاء: لا أدري. قالت: أمي، أم وليها... " (3).
يفهم من قول عمر: " من أشهد؟ " أنه لم ير في نكاح المتعة محذورا لولا عدم
صفحه ۲۲
الإشهاد، بعبارة أخرى: يعتبر الشهود في النكاح، وعدمه مخل بالعقد - كما هو مبنى جميع أهل السنة - ويشهد له قول ابن حزم حيث قال: " وعن عمر بن الخطاب أنه إنما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط، وأباحها بشهادة عدلين " (1).
ج. الهندي: " الطبري، عن سعيد بن المسيب، قال: استمتع ابن حريث وابن فلان - كلاهما -، وولد له من المتعة زمان أبي بكر وعمر " (2).
فهل كان ابن حريث الصحابي قد أتى بالفاحشة وارتكب الزنا، وولد له أولاد زنا أو شبهة؟
د. عبد الرزاق، عن ابن جريح، قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قدم عمرو بن حريث من الكوفة، فاستمتع بمولاة، فأتي بها عمر وهي حبلى، فسألها، فقالت: استمتع بي عمرو ابن حريث، فسأله، فأخبره بذلك أمرا ظاهرا، قال: فهلا غيرها؟ فذلك حين نهى عنها " (3).
التعريف بعمرو بن حريث:
إنه من بقايا أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين نزلوا الكوفة، مولده قبيل الهجرة، له صحبة ورواية، روى عنه أصحاب الصحاح الستة، يقول عمرو بن حريث: انطلق بي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنا غلام، فدعا لي بالبركة، ومسح رأسي، وخط لي دارا بالمدينة بقوس، ثم قال: ألا أزيدك؟
قال الواقدي: قبض النبي ولعمرو بن حريث اثنتا عشرة سنة " (4).
وعندنا، ولي لبني أمية بالكوفة وكانوا يميلون إليه ويتقوون به وكان هواه معهم، خرجت كلمة كبيرة من فيه وله صحيفة سوداء نعوذ بالله من الشرك والنفاق (5).
صفحه ۲۳
9 - معاوية بن أبي سفيان، ت 60 ه أ. قال ابن حزم: " وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله جماعة من السلف، منهم من الصحابة... معاوية بن أبي سفيان " (1).
ب. قال أبو الزبير: " وسمعت جابر بن عبد الله يقول: استمتع معاوية بن أبي سفيان مقدمه من الطائف على ثقيف بمولاة ابن الحضرمي يقال لها " معانة ".
قال جابر: ثم أدركت معانة خلافة معاوية حية فكان معاوية يرسل إليها بجائزة في كل عام حتى ماتت " (2).
ج. عبد الرزاق، عن ابن جريح، عن عطاء قال: لأول من سمعت منه المتعة صفوان بن يعلى، قال: أخبرني عن يعلى أن معاوية استمتع بامرأة بالطائف، فأنكرت ذلك عليه، فدخلنا على ابن عباس، فذكر له بعضنا، فقال له: نعم، فلم يقر في نفسي حتى قدم جابر بن عبد الله، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثم ذكروا له المتعة، فقال: نعم، استمتعنا على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر... " (3).
قال العسقلاني: " إسناده صحيح " (4).
لا شك في أن هذه المتعة كانت من معاوية بعد وفاة النبي، إذ لا يتردد أحد في جوازها على عهد رسول الله إلى يوم الفتح على حديث سبرة، أو الفتح وأوطاس على حديث جابر (5)، ثم لا معنى للسؤال من ابن عباس وجابر مع وجود النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعطاء هذا ولد عام خمسين للهجرة (6). وأسلم معاوية عام الفتح.
صفحه ۲۴
10 - سلمة بن أمية أ. ابن حزم: " وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله جماعة من السلف، منهم من الصحابة رضي الله عنهم:... ومعبد وسلمة أبناء أمية بن خلف " (1).
ب. عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس قال: لم يرع عمر، إلا أم أراكة قد خرجت حبلى فسألها عمر عن حملها؟ فقالت: استمتع بي سلمة بن أمية بن خلف، فلما أنكر صفوان على ابن عباس بعض ما يقول في ذلك، قال: فسل عمك هل استمتع (2)؟
أقول: لعل الصحيح، أنكر ابن صفوان، لا صفوان، وعمه سلمة بن أمية، وهو الذي تمتع بأم أراكة على عهد عمر، وذلك لأن هذه المناقشات كانت في عهد ابن الزبير، وأما صفوان فقد توفي أيام عثمان، وابن صفوان هو المعترض، وقد قتل مع ابن الزبير بمكة.
ج. ابن حزم: " ولد - أي أبناء - أمية بن خلف الجمحي: علي وصفوان وربيعة ومسعود وسلمة.
فولد سلمة بن أمية: معبد بن سلمة، أمه أم أراكة نكحها سلمة نكاح متعة في عهد عمر، أو في عهد أبي بكر، فولد له منها " (3).
كما أورده عبد الرزاق في مصنفه مع تفاصيل لقصة تمتع رجل من بنى جمح - وهو سلمة -.
د. عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء.. وقال صفوان: هذا ابن عباس يفتي بالزنا، فقال ابن عباس: إني لا أفتي بالزنا، أفنسي صفوان أم أراكة، فوالله إن
صفحه ۲۵
ابنها لمن ذلك، أفزنا هو؟ قال: واستمتع بها رجل من بنى جمح " (1).
أقول: والرجل - على ما عرفت - هو سلمة بن أمية بن خلف الجمحي، كما أكد كل من عمر بن شبة وابن الكلبي وابن حزم على ذلك. وأشار العسقلاني أيضا إلى ذلك في الإصابة (2).
ه. عمر بن شبة: " واستمتع سلمة بن أمية من سلمى مولاة حكيم بن أمية بن الأوقص الأسلمي، فولدت له، فجحد ولدها.
قلت: وذكر ذلك ابن الكلبي، وزاد فبلغ ذلك عمر، فنهى عن المتعة.
وروى أيضا: أن سلمة استمتع بامرأة، فبلغ عمر، فتوعده... " (3).
التعريف بسلمة بن أمية:
لا شك في أنه من الصحابة وقد شهد تبوك، وقصته معروفة.
قال ابن الأثير: "... عن صفوان بن يعلى، عن أبيه وعمه سلمة بن أمية أنهما خرجا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة تبوك ومعنا صاحب لنا فقاتله رجل من الناس فعض بذراعه فاجتذبها من فيه، فسقطت ثنيتاه، فذهب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلتمس العقل (4)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يذهب أحدكم إلى أخيه يعضه عض الفحل ثم يأتي يلتمس العقل!! فأطلها (5) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (6).
وقد ذكره خليفة بن خياط فيمن سكن مكة من الصحابة (7).
وقال المزي: " له صحبة، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، روى له النسائي، وابن ماجة... " (8). واما عندنا فعن المامقاني 2: 48 " لم أتحقق حاله ".
صفحه ۲۶