مطالعات در مکاتب ادبی و اجتماعی
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
ژانرها
يسأل بعض القراء عن الواقعية في الأدب والفن: ما هي؟ ومن هم الواقعيون؟ وما أصل هذه الدعوة؟ وما هي رسالتها في عالم الآداب والفنون؟
وهذا في جلية الأمر أسئلة عن شيئين لا عن شيء واحد: أسئلة عن الواقعية في نشأتها التاريخية، وأسئلة عن الواقعية في دعوتها الحاضرة بعد اتصالها بالدعوات الحديثة من وجودية وآداب موجهة، وفوق الواقعية أو سريالية، وما هو من قبيلها في الدعوات الحديثة.
إن الواقعية في نشأتها التاريخية دعوة بدأت في أواسط القرن التاسع عشر ردا على الدعوة الرومانية أو المجازية، وترتيبها في سلسلة الدعوات التي نشأت بعد عصر النهضة يأتي في المكان الرابع بعد دعوة الإنسانيين ودعوة السلفيين المحدثين ودعوة الرومانيين أو المجازيين.
في عصر النهضة حوالي القرن الخامس عشر أخذ الأوروبيون في الكتابة باللغات الوطنية بعد أن كانوا يكتبون الأدب والعلم باللاتينية أو بالإغريقية، ونشأ من ذلك ما لا بد أن ينشأ عن الكتابة بلغات لم تتسع قبل ذلك لمطالب الأدب والعلم والفلسفة والدراسات الرفيعة والوضيعة.
نشأ من ذلك كتابة بغير قاعدة وبغير أحكام مرعية تضارع القواعد والأحكام في لغة اللاتين ولغة الإغريق، واستمر دعاة المدرسة الإنسانية على هذه الفوضى في الصيغ والأساليب، فارتاع العلماء والأدباء الذين تفقهوا بآداب السلف وبلاغتهم العالية، ونهضت من بينهم دعوة سميت بالسلفية الحديثة؛ لأنها تنادي باتباع أساليب السلف واتخاذ القواعد على نمط جديد من غير تقليد كتقليد النقل الآلي على عصر الجمود.
وشاعت هذه الدعوة السلفية الجديدة، ونحن نسميها الدعوة الاطرادية؛ لأنها تدين بالاطراد على سنة متبعة، وتنكر الابتداع المتفرق الذي تذهب فيه كل طائفة مذهبها المنقطع عن سواها، كأنها بدعة من البدع لا تئول في جملتها إلى قسطاس مستقيم.
شاعت الدعوة السلفية أو الاطرادية وسارت سيرا لم يعرف له نظير منذ عصر الكتابة اللاتينية والإغريقية، ومضى عليها نحو ثلاثة قرون وهي مسيطرة على الأقلام والألسنة في القارة الأوروبية، كلما ضعفت في أمة من أممها قامت بها أمة أخرى لا تزال في طور النشأة الأولى، وتمادى بها الإصرار على القواعد والأحكام، حتى جمدت وتحجرت وضاقت بها الأقلام والألسنة في إبان عصر الثورة الفرنسية، فتصدى لها طلاب التجديد والتصرف الحر لإطلاق العقول والأذواق، ونشأت من ثم مدرسة الرومانيين أو المجازيين، تحاول أن تجعل لكل كاتب أو شاعر نصيبا من الحرية الفردية إلى جانب القواعد المقررة في الأساليب العامة، وصادف ذلك شيوع الأقاصيص الشعبية التي تمتزج فيها أخبار الفرسان والأبطال، وأخبار العشاق والحسان، وأطلق على الدعوة اسم الرومانية؛ لأن تلك الأقاصيص كانت تعرف في الغرب باسم الرومان.
فالمدرسة الرومانية إذن تقوم على أركان ثلاثة، هي: (1)
سهولة القواعد. (2)
وحرية الكاتب في إظهار نزعته الشخصية. (3)
صفحه نامشخص