مطالعات در مکاتب ادبی و اجتماعی
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
ژانرها
ولكن هذه المدرسة تعارضها في السنوات الأخيرة دعوة جامحة تحاول أن تنطلق من جميع القواعد وجميع الأصول، وآفتها الكبرى أنها تخلط بين القواعد والقيود، فتحسب أن الانطلاق من القيود سيلزم الانطلاق من القواعد الفنية، وهو وهم ظاهر البطلان؛ لأن الفنون لا توجد بغير قواعد تعصمها من الفوضى، بل لا توجد لعبة عامة بغير قاعدة عامة، ولا يستطيع لاعب الشطرنج أو النرد أو الدومينة مثلا أن يحرك القطع كما يشاء، وإلا بطلت اللعبة كلها في لحظة واحدة.
ومن أسباب التفاؤل في مصير هذه الدعوة الجامحة أنها أجنبية غريبة لم تخلقها بنية الأمة ولم تنبتها جذورها العريقة ولا فروعها الحديثة، ولكنها أشبه بالزوان بين سنابل القمح، يوشك أن يخنقها لو بقي، وليست له مع هذا قوة على البقاء.
فالاتجاهات الحديثة في الأدب العربي لا توجهها هذه الدعوة في الواقع ولا تنقاد لها باختيارها ولا على غير قصد منها، وإنما تأتي هذه الاتجاهات نتيجة للحالة العملية التي طرأت خلال ربع القرن الأخير، وهي حالة يلخصها ظهور الإذاعة وانتشار الصحافة وزيادة عدد القراء، حتى دخلت في موازين القراءة والكتابة مسألة الكثرة العددية، بعد أن كان الحكم فيها للصفوة المختارة من المثقفين أصحاب الآراء والأذواق.
إن هذه الحالة العملية ليست مذهبا من مذاهب البحث والتفكير، وليست مدرسة من مدارس الفن التي تتقابل فيها الحجج والأقوال، ولكنها هي النتيجة التي لا بد منها في أول عهد الإذاعة مع انتشار الصحافة وتداول القراءة بين عدد كبير من القراء، تميل الجمهرة الغالبة منهم إلى التسلية، ولا تستعد بثقافتها لطلب الفنون العالية والتعبيرات الرفيعة في آداب اللغة، وسائر التعبيرات التي تؤديها الفنون بوسائلها المتعددة.
وتتلخص هذه النتيجة في الاتجاهات الآتية:
أولها:
وفرة القصص السهلة التي تخاطب الغرائز ولا سيما الغرائز الجنسية وغرائز الصراع التي تتأثر بالمخاوف والأهوال، وتمثيل القصص بالصور المتحركة قد جعلها من شئون السماع ولم يقصرها على القراءة.
وثانيها:
شيوع الموضوعات العرضية التي يمكن أن توصف في جملتها بأنها من موضوعات الصحافة الشائعة يشترك فيها جمهرة القراء.
وثالثها:
صفحه نامشخص