مطالعات در مکاتب ادبی و اجتماعی
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
ژانرها
إن الشعر - مثلا - من الفنون التي يقال عنها أنها في غير أوانها بين أبناء العصر الحديث، ويعتقد النقاد ما يعتقدون في تعليل ذلك، ونعتقد نحن أن المسألة كلها مسألة توزيع لمواضع التعبير وليست مسألة انصراف عن وسائله وأدواته، فإن العصر الذي يملك من وسائل التعبير عن العاطفة الإنسانية فنونا تتوزع بين المسرح، والقصة، والصور المتحركة، وأغاني الإذاعة، والحاكي (الجرامفون)، وأخبار الصحف ... وغيرها من فنون العاطفة، لا يعقل أن يكون نوع الشعر الذي يطلب فيه كنوع الشعر الذي يطلب، وهو هو الفن الوحيد المعبر عن عواطف الشعراء والمستمعين.
وأيا كان سبب التغير في مناهج الشعر وميادينه، فالمهم فيما نحن بصدده أن الظاهرة العالمية تظهر عندنا كما ظهرت بين أمم الحضارة الحديثة، وأنها آية من آيات الصيغة العالمية التي تترقى إليها نهضة الأدب العربي الحديث.
تترقى نعم، ولا نقول إنها تصل إذا كان معنى الوصول الوقوف والاستقرار، وتترقى أيضا مع حفظ النسبة بيننا وبين أناس سبقونا بعدة أجيال، وحسبنا مع الأمل الطيب في المستقبل أننا وصلنا إلى الميدان، وإن لم نصل في أوائل الصفوف.
الفصل الثاني
الاتجاهات الحديثة في الأدب العربي
1
للأدب في عصوره الناشطة على الخصوص حركتان: إحداهما التطور والامتداد؛ وهي حركة متقدمة ذات اتجاه معروف يشبه اتجاه التيار بمجرى النهر المطرد في حركته إلى غاية مجراه، وهي كذلك أشبه بحركة النمو في الجسم الحي تحتفظ بالبنية وتزيد عليها، ولا تلغي شيئا من البنية إلا إذا جاءت بعوض له في مكانه.
والحركة الثانية هي حركة التغيير الذي ينبعث في الأدب وفي غيره عن مجرد حب التغيير، وقد يسميها بعضهم مذاهب ومدارس وليست هي من المذاهب أو المدارس في شيء، وإنما الأحرى بها أن تسمى بالأزياء والجدائل العارضة «الموضات» التي تتغير مع الزمن، وقد تعود في صورة أخرى بعد فترة طويلة أو قصيرة، ولا معنى فيها للتقدم والاطراد، وإنما هي - بالنسبة إلى حركة التيار في مجراه - أشبه بحركة الموج من الشاطئ إلى الشاطئ تزحف كل موجة منه على ما بعدها، فتلغيه وتزول هي بعده في موجة أخرى، ولا تتقدم بالنهر خطوة واحدة في طريق مجراه.
ويغلب على هذه الموجات التي يمحو بعضها بعضا في تواريخ الأدب أن تنشأ من سوء فهم الآراء العلمية الحديثة وسوء تطبيقها على الموضوعات الفنية.
وأشهر ما حدث من هذا القبيل في العصر الحديث سوء فهم أصحاب «الموضات» في الفن لنظريات فرويد وإخوانه من رواد التحليل النفساني، وأخصها نظرية الوعي الباطن ...
صفحه نامشخص