دراسات فلسفية في الفكر الإسلامي المعاصر
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
ژانرها
5
وقد ظهر «الإنسان» في الفكر الإسلامي القديم متخفيا مرة، وظاهرا مرة أخرى، متخفيا في علم أصول الدين كإنسان كامل، موجود، قديم، باق، ليس في محل، لا يشبه الحوادث، واحد؛ أي وعي خالص منزه، عالم، قادر، حي، سميع، بصير، متكلم، مريد؛ أي وعي مدرك فعال، وكأن الله وصف نفسه بصفات الإنسان تأنيسا له، أو أن الإنسان وصف الله بصفات نفسه تأليها لها. كما ظهر الإنسان في علوم التصوف أيضا في نظرية «الإنسان الكامل» تأكيدا لما وصل إليه علماء أصول الدين؛ حيث لم يعد هناك فرق بين الإنسان والله. وظهر أيضا في علوم الحكمة، الإنسان محور للكون، عالم أصغر في مقابل عالم أكبر، وهي الطبيعة. وبرز في علم أصول الفقه على أنه الإنسان الموجود بلحمه وعظمه، يحافظ على مصالحه وضرورياته: الحياة، والعقل، والدين، والعرض، والمال.
6
وقد كان الإنسان أحد مشاكل نهضتنا المعاصرة كلها؛ فما زال الإنسان لا يعيش كقيمة في وجداننا المعاصر، الأولوية باستمرار لغيره، لله أو للحاكم، للماضي أو للنص. ليس له أوصاف ذاتية خالصة، لا يؤمن نظام واحد بوجوده، يمكن أن يعتقل أو يفصل أو تختفي به الأرض فلا يعلم أحد عنه شيئا. ما زال الله محور الكون وليس الإنسان. لم يسترد الإنسان صفاته بعد، وظل وعيه خارجا عنه.
7
هناك إنسان أوحد وهو الزعيم أقرب إلى الإله منه إلى الإنسان، لا يستطيع أحد الحديث عنه أو نقده أو الخروج عليه، وهو وحده الإنسان الكامل، وما دونه يتعلم منه ويتتلمذ عليه، يطيع أوامره ونواهيه.
لقد حاولت الثورات العربية المعاصرة تغيير الهياكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ولكن ظلت قضية الإنسان معلقة، بل كثيرا ما كانت تنتهك كرامة الإنسان وحريته وحقوقه الطبيعية باسم الثورة. وظل الغرب يزهو علينا بأنه الوحيد صاحب حضارة الإنسان، ففيه نشأ المذهب الإنساني
Humanism
منذ فجر النهضة الحديثة حتى إعلان حقوق الإنسان، وتأتي اللجان عندنا لتكتب تقارير عن حقوق الإنسان في مجتمعاتنا العربية فتجدها منتهكة ضائعة بالرغم من توقيع النظم القائمة على وثيقة إعلان حقوق الإنسان! (4)
الحرية: والحرية أيضا منصوص عليها في الوحي وفي سير الخلفاء!
صفحه نامشخص