دراسات فلسفية في الفكر الإسلامي المعاصر
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
ژانرها
الولاء للغرب، إذ إنها تدور في فلك الأجنبي، وتمثل مراكز الاستعمار الثقافي في البلاد، هم النخبة السياسية والثقافية والاجتماعية، أجانب ومصريون متأوربون، وأول من يجرفهم التيار في الثورة الوطنية كما حدث في مصر في ثورة 1952م. فقد كان «طرد الأجانب» باستمرار أحد المطالب الوطنية كما حدث في ثورة عرابي. (ج) دور الحداثة
بالرغم من سلبيات الحداثة في مظاهرها ومخاطرها، فقد كان لها بعض الدور مثل: (1)
تعليم جيل في التخصصات الدقيقة كان له فاعلية وأثر على حياة البلاد في العمران بوجه عام والحياة الثقافية بوجه خاص، فأنشئت المدن الجديدة، وأقيمت البنايات الحديثة، ومهدت الطرق، وشيدت الجسور والسدود، إما لبقايا من وطنية أو لخدمة الاقتصاد الغربي أو للسيطرة على ثروات البلاد. (2)
تعليم أجيال لاحقة من الوطنيين أصبح ولاء معظمهم للبلاد، فاتسعت قاعدة الفنيين والمتخصصين مما ساعد على إعداد «البناء التحتي» للبلاد، وظلت البلاد في هذا الصراع بين المتخصص غير الوطني والمتخصص الوطني أولا، ثم بين الوطني غير المتخصص بعد الثورة المصرية وغير الوطني وغير المتخصص في جيلنا هذا ثانيا بعد احتجاب مصر وظهور طبقة من غير الوطنيين وغير المتخصصين، لا أهل خبرة ولا أهل ثقة. (3)
كان المتأوربون نافذة لمصر خاصة وللأمة العربية عامة على العالم الخارجي. فمن خلالها اطلع الوطنيون على مظاهر التقدم الأوروبي؛ مما أوحى لبعض الحكام جعل مصر «قطعة من أوروبا»، وكما حاول الغرب الشيء نفسه مع إيران قبل الثورة، فقد كانوا صحفيين ومفكرين وساسة ورحالة، ولكن كان معظمهم علماء ومهندسين وفنيين. (4)
كانوا نافذة للغرب على العالم العربي. فاستطاع الغرب أن يرى من خلالهم الشعوب غير الأوروبية سواء من خلال كتاباتهم عن شعوبهم؛ مصر والشام خاصة، أو من سلوكهم وتقاليدهم وأحاديثهم عن بلادهم في الخارج. فقد رأى الغربيون صورة الشعوب غير الأوروبية مجسدة في أشخاصهم. (2) التحديث والتغريب
والحقيقة أن هذه الحداثة في سلوك الأفراد لم تنتج أثرا في تحديث المجتمعات تحديثا شاملا؛ نظرا لقيامها على «التغريب» في الوعي القومي، فالتحديث هو محاولة تغيير المجتمعات على يد «المحدثين» الذين هم في واقع الأمر ضحية التغريب في وعيهم الثقافي والوطني. (أ) النقل والاستيعاب
يفترض التغريب أن وظيفة الشعوب غير الأوروبية هي النقل والاستيعاب لإبداعات الغرب، وكلما أبدع الغرب لحق غير الأوروبي بالنقل دون التمثل أو الفهم أو حتى مجرد التفكير فيما ينقل. وقد أدى ذلك في الشعوب غير الأوروبية إلى الآتي: (1)
الخلط بين العلم والمعرفة؛ وذلك أن العلم شيء والمعارف العلمية شيء آخر . العلم هو نشأة العلم بناء على تصور علمي للعالم وليس مجموعة من المعارف يحملها جاهل بنشأتها. ولكننا لم نع هذا الخلط لأن وجداننا القومي يرى أنه «رب سامع أوعى من مبلغ» مع أن ذلك في الاستفادة والاستعمال وليس في الإبداع. فلا مانع لدى العالم أن يكون ناقلا لآخر النظريات في علوم الذرة ثم يتبرك بآل البيت، ويغير واقعه بالدعاء. (2)
تصور أن التقدم هو استيراد آخر الاختراعات وإنجازات التكنولوجيا الحديثة وليس إبداع وسائل للسيطرة على الطبيعة حتى اضطرت الشعوب غير الأوروبية إلى انتظار «قطع الغيار» لوسائل لم تبدعها. ولما كان معدل الاختراع أكبر من معدل النقل تحولت مجتمعاتنا إلى مجتمعات استهلاكية صرفة لما ينتجه الغرب. ويصدر الغرب اختراعاته السابقة التي ما زالت بالنسبة لنا تمثل لحاقا بالتقدم العلمي والتكنولوجي. (3)
صفحه نامشخص