وعمر السلطان سليم لما فتح دمشق سورا وأبراجا من قرية القابون شمالا إلى آخر المدينة جنوبا، وجعل في ذلك السور أبوابا تغلق على المدينة، وعمر جامعا ومدفنا على قبر محيي الدين ابن عربي بالصالحية، ومدرسة قرب المدرسة السليمانية التي بناها ابنه السلطان سليمان القانوني مكان القصر الأبلق في المرج الأخضر.
اشتهرت دور دمشق بأن داخلها حوى الجمال برمته، وخارجها لا ينبئ عن شيء كثير، وهذا يوم كان جل الاعتماد في البنيان على الطين والخشب، يوم قال فيها البحتري:
وتأملت أن تظل ركابي
بين لبنان طلعا والسنير
مشرفات على دمشق وقد أعرض منها بياض تلك القصور.
والبيت الدمشقي في العادة عبارة عن صحن أو فناء فسيح في وسطه حوض ماء يتدفق إليه من أنبوب أو فوارة لا تنقطع جريتها، وقد غرست من الرياحين والأشجار المثمرة كل جميل وعطر، وعلى جوانب هذا الصحن المخادع والغرف والقاعات، وفي القاعة بركة ماء أيضا، وربما جرت على قامة في الجدار لتزيد في رطوبة المحل في الصيف، وفي الطبقة الثانية العلالي وهي خاصة بالشتاء على الأغلب، فبيوت دمشق القديمة حوت جميع المرافق، ومنها الحديقة والأشجار والمياه، والغالب أن الزلازل في الدهر السالف دعت الأهلين ألا يستخدموا الحجر في بنيانهم إلا نادرا، أما اليوم فالمعمول عليه في البناء الحجر والأسمنت المسلح والآجر والقرميد.
لكن الطراز القديم في البناء أقرب إلى حفظ الحرارة واتقاء البرد من الطراز الحديث، وأبان ابن منقذ الكناني عن هذا العمران بقوله:
وإذا مررت على المنازل معرضا
عنها قضى لك حسنها أن تقبلا
إن كنت لا تستطيع أن تتمثل ال
صفحه نامشخص