قال: (وإذا كان لكلام الإمام علي طابع خاص يميزه عن غيره من الخطباء، ونهج واضح يخالف غيره من البلغاء والمترسلين، فقد حاول كثير من العلماء والأدباء على مر العصور أن يفردوا لكلامه كتبا خاصة ودواوين مستقلة، بقي بعضها وذهب الكثير منها على مر الأيام؛ منهم نصر بن مزاحم صاحب (صفين)(1)، وأبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي(2)، وأبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي(3)، ومحمد بن عمر الواقدي(4)، وأبو الحسن علي بن محمد المدائني(5)، وأبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ(6)، وأبو الحسن علي بن الحسين المسعودي(7)، وأبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي(8)، وعبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد التميمي(9)، ورشيد الدين محمد بن محمد المعروف بالوطواط(10)، وعز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد(11) ، وغيرهم كثيرون، إلا أن أعظم هذه المحاولات خطرا وأعلاها شأنا، وأحسنها أبوابا، وأبعدها صيتا وشأوا هو مجموع ما اختاره الشريف الرضي أبو الحسن محمد بن الحسين الموسوي(1) في كتابه (نهج البلاغة)). انتهى.
وهذا يفسر لنا مدى الاهتمام الكبير الذي لقيه وحظي به كلام الإمام عليعليه السلام من قبل كوكبة من العلماء والمؤلفين والباحثين، ومنذ بداية عصر التدوين والتأليف، فجمعوا كلامه عليه السلام وأفردوا له كتبا خاصة به، ويوضح بدوره الأهمية العلمية الكبيرة المشتمل عليها كلامه عليه السلام، إذ أنه يشكل بدوره رافدا من روافد العطاء الديني والفكري والروحي والعلمي لدى جميع المسلمين، يشهد بصحة هذا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها))، وغير ذلك من الأحاديث النبوية الواردة في هذا الباب.
صفحه ۲۱