واستمر عزلنا إلى أواخر سبتمبر عام 1973م.
وقامت حرب أكتوبر 73.
وانقلبت الموازين منذ رأينا مصر تنتصر لأول مرة في تاريخ العرب منذ صلاح الدين.
وأصبح ثلاثتنا توفيق بك ونجيب بك وأنا أشد المتحمسين لهذا النصر؛ فقد كنا نتوقع أي شيء إلا أن نحارب وننتصر، وقد أعربنا عن توقعاتنا فعلا وتصورنا هذا، ونحن نناقش الدكتور حاتم.
فقال توفيق بك إنه من غير المعقول أن تحارب دولة ما في نفس اللحظة التي تعلن فيها انهزامها، وليس من المعقول أن تحارب بعد خمس سنوات أو ست؛ لأن النتيجة معروفة لا شك فيها. فأي جديد يمكن أن يحدث في هذه السنوات القليلة ليقلب الأمر بالنسبة إليها من دولة مهزومة إلى دولة منتصرة.
وقال نجيب بك للدكتور حاتم: «المؤكد أن الحرب لو قامت فستكون سجالا.» ووافقه الدكتور حاتم، وقال نجيب بك: «إذن فالحرب ستستمر فترة بيننا وبين إسرائيل، ومعنى ذلك أن نخرب مصر تماما، ونحن بعد هذه الحروب لا نطيق هذا الخراب، فلماذا لا ننسى الحرب ونلتفت إلى مرافقنا المنهارة ، ونحاول إصلاحها بدلا من زيادة تخريبها.»
وقلت أنا: «نحن واثقون أنه ليس هناك حرب منتظرة، وأن الأمر لا يعدو أن يكون دعاية ليلهينا عن أوضاعنا الداخلية، فخير لكم ولنا أن تعطونا الحرية بدلا من الادعاء بأننا سنحارب، فالشعب كله يعرف أننا لن نحارب. ويكفي مقالات محمد حسنين هيكل دليلا على أن الحرب مستحيلة استحالة مطلقة.»
ولكن السادات صنع الحرب، ولكن السادات انتصر.
وحقق معجزة لم تكن تخطر لنا على بال.
وهكذا أصبح ثلاثتنا من أشد المؤيدين للنصر ولصانع النصر.
صفحه نامشخص