لقد طرزت تلك القطعة في بلدة «أم درمان» حيث توفي ابني البكر إثر المرض، لم يمهله أكثر من أسبوع واحد وكان شريف بك يعود من عمله الشاق منهوك القوى، فأصبحت تلك القطعة سميرتي في الليالي الطوال.
كمال (بصوت خافت عميق) :
سميرة الهموم، تفضين إليها بمكنون قلبك وهواجس نفسك، أليس كذلك؟ لقد قرأت ذلك في تلك القطعة الفنية البديعة، يا لها من قطعة تكاد تنطق بما أوحي إليها من ألم وأمل؛ ففيها مسالك الأمل المنتهية بأضيق السبل، فيها ما يشابه أيام العمر الطويلة المملة التي تنساب في بحر الزمن على نسق واحد، بالإجمال يا زينب هانم هي قطعة أودعتها الأنامل ثورة النفس تكاد لفرط الإبداع تتحدث وتبكي وتضحك، وتظهر ألوانا من الجلد والصبر، هل كنت تشعرين بالسعادة في تلك التنقلات؟
زينب (بتهيج) :
ما الذي يدعوني ألا أكون سعيدة؟ لقد كنت في أتم سعادة، (بعصبية)
ما الداعي إلى مثل هذه الأسئلة؟
كمال :
نعم، أنت على صواب فليس ما يدعو إلى ذلك، أتذكرين ليلة سفري إلى أوروبا؟ أتذكرين كيف خرجنا معا في نزهة قصيرة على القارب عند شاطئ البحر؟ أتذكرين خوفك وجزعك من مرور باخرة على مقربة منا، وكيف انخرطت في البكاء تلك الليلة لفرط ما نالك من خوف وجزع لتلك الحادثة؟ (يراها تلتفت إلى الجهة الأخرة لتكفكف دموعها)
ما هذا؟ ما الذي أصابك؟
زينب :
صفحه نامشخص