وقرت عينه ومن شاورهن كدرن عيشته وتكدرت عليه حياته وتنغصت لذاته فأكرمهن أعفهن وأفخر أحسابهن العفة فإذا زلن عنها فهن أنتن من الجيفة فقال له الحجاج يا غضبان إني موجهك إلى ابن الأشعث وافدا فماذا أنت قائل له قال أصلح الله الأمير أقول ما يرديه ويؤذيه ويضنيه فقال أني أظنك لا تقول له ما قلت وكأني بصوت خلاخلك تجلجل في قصري هذا قال كلا أصلح الله الأمير سأحدد له لساني وأجريه في ميداني فعند ذلك أمره بالمسير إلى كرمان فلما توجه إلى ابن الأشعث وهو على كرامان بعث الحجاج عينا عليه أي جاسوسا وكان يفعل ذلك مع جميع رسله فلما قدم الغضبان على ابن الأشعث قال له أن الحجاج قد هم بخلعك وعزلك فخد حذرك وتغد به قبل أني يتعشى بك فأخذ حذره عند ذلك ثم أمر للغضبان بجائزة سنية وخلع فاخرة فأخذها وانصرف راجعا فأتى إلى رملة كرمان في شدة الحر والقيظ وهي رملة شديدة الرمضاء فضرب قبته فيها وحط على رواحله فبينما هو كذلك إذا بإعرابي من بني بكر ابن وائل قد أقبل على بعير قاصدا نحوه وقد اشتد الحر وحميت الغزالة وقت الظهيرة وقد ظمىء ظمأ شديدا فقال السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقال الغضبان هذه سنة وردها فريضة فاز قائلها وخسر تاركها ما حاجتك يا إعرابي قال أصابتني الرمضاء وشدة الحر والظمأ فتيممت قبتك أرجو بركتها قال الغضبان
صفحه ۲۳۲