الهجري على أساس من التنظيمات القبلية. فقد قسمت البصرة إلى أخماس لكل قبيلة من القبائل النازلة فيها سكن خاص بها يسمى «ربع» ، كما قسمت الكوفة إلى «أرباع» أيضا. ويلاحظ أن السبق في الإسلام يرتبط في كثير من الأحيان بالقبيلة إذ غالبا ما كان إسلام القبيلة عاما حيث كانت تدخل الإسلام دفعة واحدة حين يدخل رؤساؤها في الإسلام. وكان «العطاء» في القرن الأول يمثل عصب الحياة العربية لا سيما بالنسبة إلى القبائل المحاربة في الأمصار الجديدة مثل البصرة والكوفة والفسطاط وغيرها ، وكان العطاء يوزع على أساس القبائل حيث كان عطاء القبيلة يعطى إلى رئيسها ليوزع بعد ذلك على أفرادها. وكان طابع الحركة الفكرية في هذه المراكز قد تأثر كثيرا بالحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وقد ساعد كل ذلك على نمو العناية بالأنساب والتأليف فيها ، وانبرى كتاب القبائل إلى تأليف الكتب والرسائل التي تظهر أمجاد قبائلهم ومفاخرها ومنزلتها في الجاهلية والإسلام.
وكان من الطبيعي أن يعنى المحدثون بالأنساب نظرا لطبيعة المجتمع القائم يومئذ ، فصاروا يجمعون رواة الحديث الذين ينتمون إلى عشيرة أو قبيلة واحدة فيذكرونهم في مكان واحد.
إن أقدم من أخذ بالترتيب على النسب من المصنفين الأولين في الرجال هو ابن سعد كاتب الواقدي «ت 230 ه» في كتابيه «الطبقات الكبرى» و «الطبقات الصغرى» ، وخليفة بن خياط «ت 240 ه » في كتابه «الطبقات».
«فأما خليفة فقد كان أكثر التزاما بالترتيب على النسب ، فقد جعل النسب هو الأساس الوحيد في ترتيب الصحابة في المدينة ، ولم يعتبر السابقة في الإسلام وتقدم سنة الوفاة ، ولا التفاضل بين الصحابة ، وبهذا استطاع أن يعرض الرواة من الصحابة على أساس العشائر دون إخلال بهذا الأساس سواء فيما كتبه عن الصحابة في المدينة أو ما كتبه عن الصحابة في الأمصار كالكوفة والبصرة ، وكذلك فعل عند كلامه على الصحابة الذين نزلوا بلاد الشام. ويستمر التقسيم
صفحه ۱۷