طسم تلك آيات الكتاب المبين، نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون 28: 1- 3 [1] وقال تعالى: كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا 20: 99 [2] ولو لم يكن فى ذلك الا ما ينتفع به المعتبر من قلة الثقة بالدنيا الفانية، وكثرة الرغبة فى الآخرة الباقية، لكفى ما تنتجه هذه البصيرة من جميل الأفعال، وتحث عليه هذه النتيجة من صالح [6] الأعمال. فكيف وأولى ما يعتمده أولو الأمر وأصحاب الزمان، ومن بأيديهم مقاليد الملك والسلطان، وأوجب ما يتشاغل به من إليهم أزمة الأمور، وعليهم سياسة الجمهور، إدمان النظر فى كتب التاريخ وإحسان التتبع للأخبار، والآثار والتفكر فى حال من مضى من الأخيار والأشرار، ليعلموا ما بقي للمحسن من الصيت الحميد الذي صار له حياة مخلدة بالأجر [3] الذي اكتسبه، وللمسىء من الذكر القبيح الذي جعل صحيفته مسودة بالوزر الذي احتقبه، ويتصفحوا حال الحازم فى حزمه وعقله، والمضيع فى تفريطه وجهله، فيسلكوا من الطرائق أوضحها وأمثلها، ويتقبلوا من الخلائق أشرفها وأفضلها، ويردوا من المشارب أصفاها وأعذبها، ويرعوا من المراتع أمرأها وأخصبها، ويأخذوا من الأمور بأحزمها، ومن التجارب بأحكمها. فمهما يكن من حسنة اقتبسوا منها، ومهما يكن من سيئة ارتدعوا عنها. فالسعيد من انتفع بالأدب فيما دأب غيره فيه من التجارب، والرابح من حظى بالراحة فيما تعب به سواه من المطالب. لأن العقل غريزة فى الإنسان، والتجارب مكتسبة فى الزمان، والرأى [7] لقاح العقل والتجربة نتاجه، والخير مقصد الحجى والاجتهاد منهاجه، ومن أين للإنسان من العمر الطويل، ما يحصل فيه على تجربة الدقيق والجليل. وقيل: العمر قصير
صفحه ۱۰