ولما قدم عليه نائب طرابلس وجاءته مكاتبة منجك وانظم إليه أمراء الشام (391 و) وتوثق لنفسه جهز العساكر الشامية فخرجوا أرسالا إلى جهة غزة ليحفظوه له ذلك الثغر من جهة المصريين ثم خرج هو بمن بقى من الأمراء بعد صلاة الجمعة ثانى عشر رمضان وخرج معه بالقضاة والموقعين فوصلوا إلى قريب الصنمين فلما كان الليل جاءهم الخبر أن بعض الأمراء خالفهم وأنهم اقتتلوا ونهبتهم العرب بقرب غزة فكر راجعا بمن معه ولحقهم منجك فى أواخر النهار فباتوا ليلتئذ وأصبح نائب طرابلس وخلق من أمراء دمشق لا حس لهم ولا خبر فخارت قوى نائب الشام وسقط فى يده وشرع أصحابه فى التفرق عنه فلما لاحت أمارات الكسرة وإشارات الخذلان ولم يبق ممن كان معه ممن العمدة عليه سوى منجك وأسندمر وجبرائيل حاجبه ومعهم دون المائتى نفس وخرج المصريون فى خدمة السلطان والخليفة المعتضد والعساكر فوصلوا إلى منزلة الكسوة فى رابع عشرين رمضان فتحصن إذ ذاك نائب دمشق ومن معه بالقلعة وغلقت أبواب البلد وأشرف الناس على خطة صعبة وتأهبوا للحصار وأصبح الأمراء يوم الخميس بدمشق لابسين آلة الحرب فقطعوا الأنهر الداخلة إلى القلعة فقلق الناس لذلك وخافوا الهلكة فلما كان من الغد وقت صلاة الجمعة فتحت أبواب البلد واستبشر الناس بذلك وأصبح السلطان نزل المخيم ظاهر دمشق ومعه العساكر والأمير علاء الدين الماردانى الذى كان نائب حماة بخلعة نيابة دمشق وهذه النيابة الثالثة وشرعوا فى مراسلة الأمير سيف الدين بيدمر نائب دمشق ومن معه فأجابوا إلى الصلح بعد محاورة طويلة ودخل قضاة الشام بينهم فى ذلك فنزلوا من القلعة بالأمان ليلة الاثنين تاسع عشرين رمضان وكان عند الناس من السرور بذلك أعظم من سرورهم بهلال العيد وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا فلما نزل نائب دمشق وأسندمر ومنجك وجبرائيل إلى وطاق الأمير سيف الدين يلبغا أمر بتقييدهم فقيدوا وأخذوا إلى القصر الظاهرى محتفظا عليهم ودخلت العساكر المصرية والشامية وعيدوا بدمشق آمنين ودخل السلطان القلعة فأقاموا إلى عاشر شوال ثم ترحلوا وقد كان فى خلال هذه الأيام قصد جماعة من الخدام بالقاهرة إقامة الأمير حسين بن الملك الناصر محمد فى الملك فتفطن لهم بعض الأمراء هناك فعاجلوهم ولم يتم أمرهم ولما حل الركاب السلطانى الملكى المنصورى بدمشق أمر بقبض جماعة من الأمراء الشاميين فقبض عليهم وأودعوا القلعة ثم خرجوا ببعضهم معهم إلى القاهرة واستقر على نيابة الشام الأمير علاء الدين (391 ظ) الماردانى عوضا عن بيدمر وطيزق على نيابة حماة وسيف الدين الأحمدى على نيابة حلب عوضا عن ابن القيمرى وتومان تمر على نيابة حمص وملكتمر المحمدى على طرابلس وزين الدين زبالة الفرقانى على نيابة القلعة واستقر فى كتابة السر بدمشق ومشيخة الشيوخ بها القاضى ناصر الدين محمد بن شرف الدين يعقوب الحلبى عوضا عن القاضى أمين الدين ابن القلانسى وقبض على ابن القلانسى وصودر فأدى فى المصادرة نحو المائتى ألف درهم واستقر علاء الدين الأنصارى على حسبة دمشق عوضا عن عماد الدين ابن الشيرجى وعلى نظر الدواوين بالشام الصاحب تاج الدين موسى بن شاكر المصرى عوضا عن الصاحب فخر الدين ناظر قطيا وقد كان الوزير فخر الدين ابن قروينة القبطى نقل من وزارة الشام فى ربيع الأول إلى القاهرة وزيرا وولى عوضه نطر الشام الصاحب فخر الدين ناظر قطيا المذكور
وفى شوال
صفحه ۳۴۴