وإنّما عرضت فيما عرضتُ لترجمةِ بعضِ العبقريين الذين نَبغوا في معنًى من المعاني، مثل القاضي أحمد بن أبي داود، تلك الشخصية الضَّخمة التي خُلّدت آثارُها في اصطناعِ المعروف والإحسان إلى الناس، وإن كنتُ أوجزتُ القولَ في ذلك كلَّ الإيجاز، وكذلك عرضتُ للتعريفِ بالشُّعراء والعلماء والزُّهّاد والحكماء الذين أوردتُ في هذا المُعجمِ عبقريّاتِهم، وإن كان ذلك في أجزأ قولٍ، وقد يُلاحظ أني أغفلت التعريفَ بكثيرٍ من القائلين، كما أغفلتُ في بعض المواضع شرحَ كثيرٍ من أقوالهم، وذلك إمّا لأنّي عرّفت من يجب أن يُعرّف وشرحت ما يجملُ أن يشرحَ في مواضعَ أخرى، وإمّا حدث ذلك سهوًا وغفلة، وقد يحدث - وذلك في الندرة - أن يكون الإغفال - ولاسيّما إغفالُ التعريف بالرجال - لأني لم أوَفَّق إلى التعرّف عليهم. . .
هذا وكانت النيّة أن أتوسعَ في إيراد عبقرياتِ المعاصرين، ولكنّي اقتصدتُ في ذلك كلَّ الاقتصاد، لأنَّ هذا المعجم من ناحيةٍ ليس كتابَ مختاراتٍ بالمعنى المعروف وإنّما هو معجمُ معانٍ، وإن كنتُ قد عملتُ ما وجدت إلى ذلك السبيل على أن يكونَ كتابَ مطالعةٍ بجانب أنه كتابُ مراجعة، ومن ناحيةٍ خشيت أن أُتّهمَ بما أنا براءٌ منه في الواقع إذا أنا أوردتُ المختارَ من عبقريّات بعض المعاصرين دون بعض، على أن آثار المعاصرين كثيرةُ التّداول بين قُرَّاء هذا الجيل، ومن هنا أوردتُ فيه بعضَ عبقريات المعاصرين ممن استأثر اللهُ بهم، وأوردتُ أيضًا ما استحسنت إيرادَه مما نقل إلى العربية من اللّغات الأجنبية، وبخاصة ما نُشر قديمًا في مجلة البيان التي كنت أقوم
مقدمة / 12