(خير الناس خيرُهم لنفسه) ومعناه: إذا جامل الناس جاملوه وإذا أحسن إليهم كافؤوه بمثله وأما الحديث: (خيركم خيركم لأهله)، فهو حث على صلة الرحم، وسيأتي. . . ومما يؤثر من أحاديث سيدنا رسول الله في هذا الباب قوله صلوات الله عليه: (شرُّ الناس من خافه الناس اتقاء شره) ومثل هذا القول تبكيت للشرير، وأنه وإن ظفر بما يظفر به من أغراض هذه الدنيا فهو خاسر دامر وكان من دعاء سيدنا رسول الله: إن الخيرَ بيديكَ والشَّرّ ليس إليك يريد: أنَ الشر لا يُتقرب به إليك ولا يُبتغى به وجهك، أو أن الشر لا يَصعد إليك وإنما يصعد إليك الطيِّب من القول والعمل، كما قال سبحانه: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾. وفي هذا الدعاء إرشاد إلى استعمال الأدب في الثناء على الله والدعاء، وأن تضاف إليه محاسن الأشياء دون مساويها. . . ومن كلمة لعلي بن أبي طالب: إن للخير والشر أهلًا، فمهما تركتموه منهما كفاكُموه أهلُه يقول ﵁: إنْ عنَّ لك باب من أبواب
الخير وتركته فسوف يكفيكَه بعض الناس ممن جعله الله أهلًا للخير، وإن عنَّ لك باب من أبواب الشر فتركتَه فسوف يكفيكَه بعض الناس ممن جعلهم الله أهلًا للشر وأذى الناس، فاختر لنفسك أيما أحبّ إليك: أن تحظى بالمحمدة والثواب وتفعل ما إن تركته فعله غيرُك وحظي بحمده وثوابه، أو أن تتركه، وأيما أحب إليك؛ أن تشقى بالذم عاجلًا والعقاب آجلًا وتفعل ما إن تركته كفاكه غيرك وبلغت غرضك منه على يد غيرك، أو أن تفعله؛ وإذن فجدير بالعاقل أن يؤثر فعل الخير وترك الشر ما وجد إلى ذلك سبيلا.
ومن قولهم في أوصاف البَرَرة الأخيار: فلان نقيُّ الساحة من المآثم، بريء الذمة من الجرائم؛ إذا رضي لم يقل غير الصدق، وإذا سخط لم يتجاوز
1 / 7